responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 361
الْمُتَشَابِهَ بِمَا يُقَابِلُهَا. وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ أَهْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ جَعَلُوا الْمُحْكَمَ مَا وُجِدَ إِلَى عِلْمِهِ سَبِيلٌ، وَالْمُتَشَابِهُ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ أَوْسَعُ دَائِرَةً مِمَّا ذَكَرُوهُ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْخَفَاءِ، أَوْ عَدَمَ الظُّهُورِ، أَوِ الِاحْتِمَالَ، أَوِ التَّرَدُّدَ يوجب التشابه وأهل القول الثاني: خضوا الْمُحْكَمَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْمُتَشَابِهُ بِمَا فِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا بَعْضُ أَوْصَافِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، لَا كُلُّهَا وَهَكَذَا أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ:
فَإِنَّهُمْ خَصُّوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمُعَيَّنَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَأَهْلُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ: خَصُّوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ، وَالْأَمْرُ أَوْسَعُ مِمَّا قَالُوهُ جَمِيعًا وَأَهْلُ الْقَوْلِ الْخَامِسِ:
خَصُّوا الْمُحْكَمَ بِوَصْفِ عَدَمِ التَّصْرِيفِ وَالتَّحْرِيفِ، وَجَعَلُوا الْمُتَشَابِهَ مُقَابِلَهُ، وَأَهْمَلُوا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذلك مما لا سبيل إلى علمه مِنْ دُونِ تَصْرِيفٍ وَتَحْرِيفٍ كَفَوَاتِحِ السُّوَرِ الْمُقَطَّعَةِ، وَأَهْلُ الْقَوْلِ السَّادِسِ: خَصُّوا الْمُحْكَمَ:
بِمَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ، وَالْمُتَشَابِهُ: بِمَا لَا يَقُومُ بِهَا، وَأَنَّ هَذَا هُوَ بَعْضُ أَوْصَافِهِمَا، وَصَاحِبُ الْقَوْلِ السَّابِعِ وَهُوَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ، عَمَدَ إِلَى صُورَةِ الْوِفَاقِ فَجَعَلَهَا مُحْكَمًا، وَإِلَى صُورَةِ الْخِلَافِ وَالتَّعَارُضِ فَجَعَلَهَا مُتَشَابِهًا، فَأَهْمَلَ مَا هُوَ أَخَصُّ أَوْصَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ كَوْنِهِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ مَفْهُومَ الْمَعْنَى أَوْ غَيْرَ مَفْهُومٍ. قَوْلُهُ: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ أَيْ: أَصْلُهُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَيَرُدُّ مَا خَالَفَهُ إِلَيْهِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ وَصْفٌ لِمَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: وَآيَاتٌ أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ وَهِيَ جَمْعُ أُخْرَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْصَرِفْ لِأَنَّهُ عُدِلَ بِهَا عَنِ الْآخَرِ، لِأَنَّ أَصْلَهَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَمْ يَنْصَرِفْ لِأَنَّ وَاحِدَهَا لَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُبَرِّدُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمْ تَنْصَرِفْ لِأَنَّهَا صِفَةٌ، وَأَنْكَرَهُ أَيْضًا الْمُبَرِّدُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُخَرُ: مَعْدُولَةً عَنِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعْدُولَةً عَنْهَا لَكَانَ مَعْرِفَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ سَحَرَ مَعْرِفَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَقَاوِيلِ لَمَّا كَانَتْ مَعْدُولَةً. قَوْلُهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ الزَّيْغُ: الْمَيْلُ، وَمِنْهُ: زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَيُقَالُ: زَاغَ يَزِيغُ زَيْغًا، إِذَا تَرَكَ الْقَصْدَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [1] وَهَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْحَقِّ. وَسَبَبُ النُّزُولِ:
نَصَارَى نَجْرَانَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ أَيْ: يَتَعَلَّقُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْكِتَابِ، فَيُشَكِّكُونَ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَيَجْعَلُونَهُ دَلِيلًا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبِدْعَةِ الْمَائِلَةِ عَنِ الْحَقِّ، كَمَا تَجِدُهُ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ الْبِدْعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَتَلَاعَبُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَلَاعُبًا شَدِيدًا، وَيُورِدُونَ مِنْهُ لِتَنْفِيقِ جَهْلِهِمْ مَا لَيْسَ مِنَ الدَّلَالَةِ فِي شَيْءٍ. قَوْلُهُ: ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ أَيْ: طلبا منهم لفتنة الناس في دينهم والتلبيس عليهم وإفساد ذات بينهم وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ أَيْ: طَلَبًا لِتَأْوِيلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ وَيُوَافِقُ مَذَاهِبَهُمُ الْفَاسِدَةَ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
مَعْنَى ابْتِغَائِهِمْ تَأْوِيلَهُ: أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْوِيلَ بَعْثِهِمْ وَإِحْيَائِهِمْ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ وَوَقْتَهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [2] أَيْ: يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ مِنَ الْبَعْثِ والنشور والعذاب يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ أَيْ: تَرَكُوهُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ [3] أَيْ:
قَدْ رَأَيْنَا تَأْوِيلَ مَا أَنْبَأَتْنَا بِهِ الرُّسُلُ. قَوْلُهُ: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ التَّأْوِيلُ يَكُونُ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ، كَقَوْلِهِمْ:
تَأْوِيلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى كَذَا، أَيْ: تَفْسِيرُهَا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى ما يؤول الأمر إليه، واشتقاقه من: آل الأمر

[1] الصف: 5.
[2] الأعراف: 53.
[3] الأعراف: 53.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست