responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 365
غَيْرُ ضَمِيرٍ، أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْمَقُولِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ. وَقَوْلُهُ: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ أَيِ: الْعُقُولُ الْخَالِصَةُ، وَهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، الْوَاقِفُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ، الْعَالِمُونَ بِمُحْكَمِهِ، الْعَامِلُونَ بِمَا أَرْشَدَهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَوْلُهُ: رَبَّنا لَا تُزِغْ إِلَخْ، مِنْ تَمَامِ مَا يَقُولُهُ الرَّاسِخُونَ، أَيْ: يَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَيَقُولُونَ: رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: سَأَلُوا أَلَّا يَزِيغُوا فَتَزِيغَ قُلُوبُهُمْ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [1] كَأَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ قَالُوا: رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا بِاتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إِلَى الْحَقِّ، بِمَا أَذِنْتَ لَنَا مِنَ الْعَمَلِ بِالْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ، وَالظَّرْفُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدَ مُنْتَصِبٌ بِقَوْلِهِ: لَا تُزِغْ. قَوْلُهُ: وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً أَيْ: كَائِنَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَمِنْ: لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَلَدُنْ: بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفِيهِ لُغَاتٌ أُخَرُ، هَذِهِ أَفْصَحُهَا، وَهُوَ ظَرْفُ مَكَانٍ، وَقَدْ يُضَافُ إِلَى الزَّمَانِ، وَتَنْكِيرُ: رَحْمَةً، لِلتَّعْظِيمِ، أَيْ: رَحْمَةً عَظِيمَةً وَاسِعَةً. وَقَوْلُهُ: إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ تعليل للسؤال، أو لإعطاء المسؤول. وَقَوْلُهُ: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ أَيْ: بَاعِثُهُمْ وَمُحْيِيهِمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ لِيَوْمٍ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَيْ: لِحِسَابِ يَوْمٍ، أَوْ لِجَزَاءِ يَوْمٍ، عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ: لَا رَيْبَ فِيهِ أَيْ: فِي وُقُوعِهِ، وَوُقُوعِ مَا فِيهِ مِنَ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الرَّيْبِ، وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ لِلتَّعْلِيلِ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا، أَيْ: أَنَّ الْوَفَاءَ بِالْوَعْدِ شَأْنُ الْإِلَهِ سُبْحَانَهُ وَخُلْفُهُ يُخَالِفُ الْأُلُوهِيَّةَ، كَمَا أَنَّهَا تُنَافِيهِ، وَتُبَايِنُهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ: نَاسِخُهُ، وَحَلَالُهُ، وَحَرَامُهُ، وَحُدُودُهُ، وَفَرَائِضُهُ، وَمَا نُؤْمِنُ بِهِ وَنَعْمَلُ بِهِ، وَالْمُتَشَابِهَاتُ: مَنْسُوخُهُ، وَمُقَدِّمُهُ، وَمُؤَخِّرُهُ، وَأَمْثَالُهُ، وَأَقْسَامُهُ، وَمَا نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نَعْمَلُ بِهِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ قَالَ: الثَّلَاثُ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ محكمات قُلْ تَعالَوْا [2] وَالْآيَتَانِ بَعْدَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَخْرَجَهَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ: آياتٌ مُحْكَماتٌ قَالَ: مِنْ هُنَا قُلْ تَعالَوْا إِلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ، ومن هنا وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [3] إِلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ بَعْدَهَا. وَأَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَبَّاسٍ مَا أَقَلَّ جَدْوَى هَذَا الْكَلَامِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ. فَإِنَّ تَعْيِينَ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ عَشْرٍ أَوْ مِائَةٍ مِنْ جَمِيعِ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَوَصْفِهَا بِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ لَيْسَ تَحْتَهُ مِنَ الْفَائِدَةِ شَيْءٌ، فَالْمُحْكَمَاتُ: هِيَ أَكْثَرُ الْقُرْآنِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ، حَتَّى عَلَى قَوْلِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْمُحْكَمَاتِ نَاسِخُهُ وَحَلَالُهُ إِلَخْ، فَمَا مَعْنَى تَعْيِينِ تِلْكَ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ؟ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ: الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَلِلسَّلَفِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ هِيَ رَاجِعَةٌ إلى ما قدّمناه فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَحْثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ يَعْنِي: أَهْلَ الشَّكِّ، فَيَحْمِلُونَ الْمُحْكَمَ عَلَى الْمُتَشَابِهِ، وَالْمُتَشَابِهَ عَلَى الْمُحْكَمِ، وَيَلْبِسُونَ فَلَبَسَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: تَأْوِيلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عن ابن مسعود

[1] الصف: 5.
[2] الأنعام: 151.
[3] الإسراء: 23.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست