responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 42
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونُوا مَوْصُوفِينَ بِالْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ قَوْلًا وَاعْتِقَادًا وَعَمَلًا. قَالَ: وَتَدْخُلُ الْخَشْيَةُ لِلَّهِ فِي مَعْنَى الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ تَصْدِيقُ الْقَوْلِ بِالْعَمَلِ. وَالْإِيمَانُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِلْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَتَصْدِيقُ الْإِقْرَارِ بِالْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّ الْإِيمَانَ الشَّرْعِيَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَكُونُ إِلَّا اعْتِقَادًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا، هَكَذَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ. بَلْ قَدْ حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعًا أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ. وقد ورد فيه آيات كثيرة، انتهى.

[سورة البقرة (2) : آية 3]
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى «يُؤْمِنُونَ» وَالْإِقَامَةُ فِي الْأَصْلِ: الدَّوَامُ وَالثَّبَاتُ. يُقَالُ قَامَ الشَّيْءُ: أَيْ دَامَ وَثَبَتَ.
وَلَيْسَ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الرِّجْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِكَ قَامَ الْحَقُّ: أَيْ ظَهَرَ وَثَبَتَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَامَتِ الْحَرْبُ بِنَا عَلَى ساق وقال آخر:
وإذا يقال أتيتم لم يبرحوا ... حَتَّى تُقِيمَ الْخَيْلُ سُوقَ طِعَانِ
وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ أَدَاؤُهَا بِأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا وَهَيْئَاتِهَا فِي أَوْقَاتِهَا. وَالصَّلَاةُ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ مِنْ صَلَّى يُصَلِّي إِذَا دَعَا. وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّلَا، وَهُوَ عِرْقٌ فِي وَسَطِ الظَّهْرِ وَيَفْتَرِقُ عِنْدَ الْعَجْبِ. وَمِنْهُ أَخَذَ الْمُصَلِّي فِي سَبْقِ الْخَيْلِ، لِأَنَّهُ يأتي في الحلبة ورأسه عند صلا السَّابِقِ، فَاشْتُقَّتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِلْإِيمَانِ فَشُبِّهَتْ بِالْمُصَلِّي مِنَ الْخَيْلِ. وَإِمَّا لِأَنَّ الرَّاكِعَ يُثْنِي صَلْوَيْهِ، وَالصَّلَا مَغْرِزُ الذَّنَبِ مِنَ الْفَرَسِ وَالِاثْنَانِ صَلْوَانِ، وَالْمُصَلِّي تَالِي السَّابِقِ لِأَنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ صَلْوِهِ. ذَكَرَ هَذَا الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَقَدْ ذُكِرَ الْمَعْنَى الثَّانِي فِي الْكَشَّافِ، هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ. وَأَمَّا الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ: فَهُوَ هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ ذَاتُ الْأَرْكَانِ وَالْأَذْكَارِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ هِيَ مُبْقَاةٌ عَلَى أَصْلِهَا اللُّغَوِيِّ أَوْ مَوْضُوعَةٌ وَضْعًا شَرْعِيًّا ابْتِدَائِيًّا.
فَقِيلَ بِالْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَاءَ الشَّرْعُ بِزِيَادَاتٍ هِيَ الشُّرُوطُ وَالْفُرُوضُ الثَّابِتَةُ فِيهَا. وَقَالَ قَوْمٌ بِالثَّانِي. وَالرِّزْقُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: مَا صَلَحَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ. فَقَالُوا: إِنَّ الْحَرَامَ لَيْسَ بِرِزْقٍ، وَلِلْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا. وَالْإِنْفَاقُ: إِخْرَاجُ الْمَالِ مِنَ الْيَدِ، وَفِي الْمَجِيءِ بِمِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ هَاهُنَا نُكْتَةٌ سَرِيَّةٌ هِيَ الْإِرْشَادُ إِلَى تَرْكِ الْإِسْرَافِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
يُقِيمُونَ الصَّلاةَ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قَالَ: زَكَاةُ أَمْوَالِهِمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا وَوُضُوئِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قَالَ: أَنْفَقُوا فِي فَرَائِضِ اللَّهِ الَّتِي افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فِي طَاعَتِهِ وَسَبِيلِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قَالَ: هِيَ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَتِ النَّفَقَاتُ قُرُبَاتٍ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَدْرِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست