responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 442
وَيَتَمَسَّكُ أَتْبَاعُهُمْ بِدِينِهِمْ، وَإِنْ فُقِدُوا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ. وَقِيلَ: الْإِنْكَارُ لِجَعْلِهِمْ خُلُوَّ الرُّسُلِ قَبْلَهُ سَبَبًا لِانْقِلَابِهِمْ بِمَوْتِهِ أَوْ قَتْلِهِ. وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْقَتْلُ مَعَ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ: لِكَوْنِهِ مُجَوَّزًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ. قَوْلُهُ: وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ أَيْ: بِإِدْبَارِهِ عَنِ الْقِتَالِ، أَوْ بِارْتِدَادِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً مِنَ الضَّرَرِ، وَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ أَيِ: الَّذِينَ صَبَرُوا وَقَاتَلُوا وَاسْتَشْهَدُوا، لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ شَكَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْلَامِ. وَمَنِ امْتَثَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ شَكَرَ النِّعْمَةَ التي أنعم الله بها عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، يَتَضَمَّنُ الْحَثَّ عَلَى الْجِهَادِ، وَالْإِعْلَامَ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا بُدَّ مِنْهُ.
وَمَعْنَى: بِإِذْنِ اللَّهِ: بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ فَشَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْإِرْجَافِ بِقَتْلِهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَبَيَّنَ لَهُمْ: أَنَّ الْمَوْتَ بِالْقَتْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ مَنُوطٌ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِسْنَادُهُ إِلَى النَّفْسِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ مُخْتَارَةٍ لَهُ: لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: كِتاباً مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: كَتَبَ اللَّهُ الْمَوْتَ كِتَابًا، وَالْمُؤَجَّلُ: الْمُؤَقَّتُ الَّذِي لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى أَجَلِهِ ولا يتأخر. قوله:
وَمَنْ يُرِدْ أي: بعمله ثَوابَ الدُّنْيا كَالْغَنِيمَةِ وَنَحْوِهَا، وَاللَّفْظُ يَعُمُّ كُلَّ مَا يُسَمَّى ثَوَابُ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ خَاصًّا نُؤْتِهِ مِنْها أَيْ: مِنْ ثَوَابِهَا، عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَمَنْ يُرِدْ بِعَمَلِهِ ثَوابَ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْجَنَّةُ، نُؤْتِهِ مِنْ ثَوَابِهَا، وَنُضَاعِفْ لَهُ الْحَسَنَاتِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ بِامْتِثَالِ مَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ كَالْقِتَالِ، وَنَهَيْنَاهُمْ عَنْهُ كَالْفِرَارِ وَقَبُولِ الْإِرْجَافِ. وَقَوْلُهُ: وَكَأَيِّنْ قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: هِيَ: أَيُّ، دَخَلَتْ عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ، وَثَبَتَتْ مَعَهَا، فَصَارَتْ بَعْدَ التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى: كَمْ، وَصُوِّرَتْ فِي الْمُصْحَفِ نُونًا، لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ نُقِلَتْ عَنْ أَصْلِهَا فَغُيِّرَ لَفْظُهَا لِتَغْيِيرِ مَعْنَاهَا، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فَتَصَرَّفَتْ فِيهَا الْعَرَبُ بِالْقَلْبِ وَالْحَذْفِ، فَصَارَ فِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ قُرِئَ بِهَا: أَحَدُهَا: كَائِنٌ، مِثْلُ: كَاعِنٍ، وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشاعر:
وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لَوْ أُصِبْتَ هُوَ الْمُصَابَا
وَقَالَ آخَرُ:
وَكَائِنْ رددنا عنكم من مدجّج ... يجيء أَمَامَ الرَّكْبِ يُرْدِي مُقَنَّعَا «1»
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وَكَائِنْ تَرَى مِنْ مُعْجِبٍ لَكَ شَخْصُهُ ... زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ
وَكَأَيِّنْ: بِالتَّشْدِيدِ، مَثَلَ: كَعَيِّنْ، وَبِهِ قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَهُوَ الْأَصْلُ. وَالثَّالِثَةُ: كَأَيْنٍ، مِثْلَ: كَعَيْنٍ مُخَفَّفًا.
وَالرَّابِعَةُ: كَيَئِنْ، بِيَاءٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ، وَوَقَفَ أَبُو عَمْرٍو بِغَيْرِ نُونٍ، فقال: كأي، لأنه تنوين، ووقف

(1) . يردى: يمشي الرّديان، وهو ضرب من المشي فيه تبختر.
والمقنّع: الذي تقنّع بالسّلاح كالبيضة والمغفر.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست