responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 449
وَقَوْلُهُ: يَقُولُونَ بَدَلٌ مِنْ «يَظُنُّونَ» ، أَيْ: يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ أَيْ: هَلْ لَنَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ نَصِيبٌ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ مَعْنَاهُ: الْجَحْدُ، أَيْ: مَا لَنَا شَيْءٌ مِنَ الْأَمْرِ. وَهُوَ النَّصْرُ وَالِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْعَدُوِّ وَقِيلَ: هُوَ الْخُرُوجُ، أَيْ: إِنَّمَا خَرَجْنَا مُكْرَهِينَ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَلَيْسَ لَكُمْ وَلَا لِعَدُوِّكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَالنَّصْرُ بِيَدِهِ وَالظُّفْرُ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَيْ: يُضْمِرُونَ فِي أَنْفُسِهِمُ النِّفَاقَ وَلَا يُبْدُونَ لَكَ ذَلِكَ، بَلْ يَسْأَلُونَكَ سُؤَالَ الْمُسْتَرْشِدِينَ.
وَقَوْلُهُ: يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا اسْتِئْنَافٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ؟ فَقِيلَ: يَقُولُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، أَوْ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا أَيْ:
مَا قُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنَّا فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ أَيْ: لَوْ كُنْتُمْ قَاعِدِينَ فِي بُيُوتِكُمْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ خُرُوجِ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ إِلَى هذه المصارع الي صَرَعُوا فِيهَا، فَإِنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا يُرَدُّ. وَقَوْلُهُ: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ عِلَّةٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ قَبْلَهَا، مَعْطُوفَةٌ عَلَى عِلَلٍ لَهُ أخرى مطوية للإيذان بكثرتها، كأنه قيل: فعل مَا فُعِلَ لِمَصَالِحَ جَمَّةٍ وَلِيَبْتَلِيَ إِلَخْ وَقِيلَ: إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلَّةٍ مَطْوِيَّةٍ لِبَرَزَ، وَالْمَعْنَى: لِيَمْتَحِنَ مَا فِي صُدُورِكُمْ مِنَ الْإِخْلَاصِ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ. قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أَيِ: انْهَزَمُوا يَوْمَ أُحُدٍ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ اسْتَدْعَى زَلَلَهُمْ بِسَبَبِ بَعْضِ مَا كَسَبُوا مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي مِنْهَا مُخَالَفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لِتَوْبَتِهِمْ وَاعْتِذَارِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَمِنَهُمُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ بِنُعَاسٍ غَشَّاهُمْ، وَإِنَّمَا يَنْعَسُ مَنْ يَأْمَنُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: غَشِينَا وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي، وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ، وَآخُذُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً الْآيَةَ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، وَمَا مِنْهُمْ من أحد إلا وهو يميل تحت حجفته مِنَ النُّعَاسِ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَكَانَ سَيِّدَ الْمُنَافِقِينَ: قُتِلَ الْيَوْمَ بَنُو الْخَزْرَجِ، فَقَالَ: وَهَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ: ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ قَالَ: ظَنَّ أَهْلِ الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مُعَتَّبٌ هُوَ الَّذِي قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ قَالَ: هُمْ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاثْنَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَهْ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ وَرَافِعِ بْنِ الْمُعَلَّى وخارجة ابن زَيْدٍ. وَقَدْ رُوِيَ فِي تَعْيِينِ «مِنْ» فِي الآية روايات كثيرة.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست