responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 494
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَرَكَ وَرَثَتَهُ مُسْتَقِلِّينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَغْنِيَاءَ، حَسُنَ أَنْ يَنْدُبَ إِلَى الْوَصِيَّةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يُقَدِّمَ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا تَرَكَ ورثته ضُعَفَاءَ مُفْلِسِينَ، حَسُنَ أَنْ يَنْدُبَ إِلَى التَّرْكِ لَهُمْ وَالِاحْتِيَاطِ، فَإِنَّ أَجْرَهُ فِي قَصْدِ ذَلِكَ كَأَجْرِهِ فِي الْمَسَاكِينِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: لَوْ تَرَكُوا صِلَةُ الْمَوْصُولِ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَلْيَتَّقُوا لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وَالْمَعْنَى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ صِفَتُهُمْ وَحَالُهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ شَارَفُوا أَنْ يَتْرُكُوا خَلْفَهُمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا، وَذَلِكَ عِنْدَ احْتِضَارِهِمْ، خَافُوا عَلَيْهِمُ الضَّيَاعَ بَعْدَهُمْ لِذَهَابِ كَافِلِهِمْ وَكَاسِبِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ لِلْمُحْتَضَرِينَ، أَوْ لِأَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى مَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى اسْتِئْنَافٌ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ظُلْمِ الْأَيْتَامِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ. وَانْتِصَابُ قَوْلِهِ:
ظُلْماً عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، أَيْ: أَكْلَ ظُلْمٍ، أَوْ على الحالية، أي: ظالمين لهم. وقوله: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا أَيْ: مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلنَّارِ، تَعْبِيرًا بِالْمُسَبَّبِ عَنِ السَّبَبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَسَيَصْلَوْنَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ وَابْنِ عَامِرٍ: بِضَمِّ الْيَاءِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ: بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، مِنَ التَّصْلِيَةِ، بِكَثْرَةِ الْفِعْلِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ:
صَلَى النَّارَ، يَصْلَاهَا، وَالصَّلَى: هُوَ التَّسَخُّنُ بِقُرْبِ النَّارِ أَوْ مُبَاشَرَتِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَارِثِ بْنِ عَبَّادٍ:
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللَّ ... هُـ وَإِنِّي لِحَرِّهَا الْيَوْمَ صَالِي
وَالسَّعِيرُ: الْجَمْرُ الْمُشْتَعِلُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الْبَنَاتِ وَلَا الصِّغَارَ حَتَّى يُدْرِكُوا، فَمَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَابْنًا صَغِيرًا، فَجَاءَ ابْنَا عَمِّهِ وَهُمَا عُصْبَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَا مِيرَاثَهُ كُلَّهُ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: لَا تُحَرِّكَا مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ احْتَرْتُ فِيهِ، إِنَّ لِلذِّكْرِ وَالْأُنْثَى نَصِيبًا، ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ، ثُمَّ نَزَلَ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فَدَعَا بِالْمِيرَاثِ، فَأَعْطَى الْمَرْأَةَ الثُّمُنَ، وَقَسَمَ مَا بَقِيَ: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حاتم عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أُمِّ كلثوم وابنة أم كحلة، أو أم كجّة، وَثَعْلَبَةَ بْنِ أَوْسٍ، وَسُوَيْدٍ، وَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، كان أحدهم زوجا وَالْآخَرُ عَمَّ وَلَدِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تُوُفِّيَ زَوْجِي وَتَرَكَنِي وَابْنَتَهُ فَلَمْ نُورَثْ مِنْ مَالِهِ، فَقَالَ عَمُّ وَلَدِهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لا تركب فرسا، ولا تنكي عدوا، ويكسب عليها ولا تكتسب، فَنَزَلَتْ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ قَالَ:
هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ خَطَّابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: قَضَى بِهَا أَبُو مُوسَى. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ، قَالَا: هِيَ مُحْكَمَةٌ مَا طَابَتْ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست