responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 501
الْمَسْأَلَةُ كَانُوا أَقْدَمَ مِنَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْحِمَارِيَّةِ، وَهِيَ: إِذَا تَرَكَتِ الْمَيِّتَةُ زَوْجًا وَأُمًّا وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَإِخْوَةً لِأَبَوَيْنِ، فَإِنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُمِّ السُّدُسَ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ الثُّلُثَ وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ الَّذِي يَرِثُ عِنْدَهُ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ وَهُوَ كَوْنُ الْمَيِّتِ كَلَالَةً، وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ قَرَّرْنَا دَلَالَةَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي سَمَّيْنَاهَا «الْمَبَاحِثَ الدُّرِّيَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحِمَارِيَّةِ» . وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَعْرُوفٌ. قوله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: غَيْرَ مُضَارٍّ أَيْ: يُوصِي حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُضَارٍّ لِوَرَثَتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الضِّرَارِ، كَأَنْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ، أَوْ يُوصِيَ بِوَصِيَّةٍ لَا مَقْصِدَ لَهُ فِيهَا إِلَّا الْإِضْرَارَ بِالْوَرَثَةِ. أَوْ يُوصِيَ لِوَارِثٍ مُطْلَقًا، أَوْ لِغَيْرِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثلث ولم تجزه الورثة، وهذا القيد، أي قَوْلَهُ: غَيْرَ مُضَارٍّ رَاجِعٌ إِلَى الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهُوَ قَيْدٌ لَهُمَا، فَمَا صَدَرَ مِنَ الإقرارات بالديون عنه أو الوصايا المنهي عنها، أَوِ الَّتِي لَا مَقْصِدَ لِصَاحِبِهَا إِلَّا الْمَضَارَّةَ لِوَرَثَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَا الثُّلُثُ وَلَا دُونَهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ:
عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ. انْتَهَى. وَهَذَا الْقَيْدُ، أَعْنِي: عَدَمَ الضِّرَارِ، هُوَ قَيْدٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالدِّينِ. قَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي تَفْسِيرِهِ: وَتَخْصِيصُ الْقَيْدِ بِهَذَا الْمَقَامِ: لِمَا أَنَّ الْوَرَثَةَ مَظِنَّةٌ لِتَفْرِيطِ الْمَيِّتِ فِي حَقِّهِمْ.
قَوْلُهُ: وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: يُوصِيكُمْ بِذَلِكَ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ كَقَوْلِهِ: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا: مُضَارٍّ. وَالْمَعْنَى: أَنْ يَقَعَ الضَّرَرُ بِهَا أَوْ بِسَبَبِهَا فَأُوقِعَ عَلَيْهَا تَجَوُّزًا، فَتَكُونُ: وَصِيَّةً، عَلَى هَذَا مَفْعُولًا بِهَا، لِأَنَّ الِاسْمَ الْفَاعِلَ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى ذِي الْحَالِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مَنْفِيًّا مَعْنًى، وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ: بِالْجَرِّ، عَلَى إِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إِلَيْهَا، كَقَوْلِهِ: يَا سَارِقَ اللَّيْلَةَ أَهْلِ الدَّارِ.
وَفِي كَوْنِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ دَلِيلٌ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَصَّى عِبَادَهُ بِهَذِهِ التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرَائِضِ، وَأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ تُخَالِفُهَا فَهِيَ مَسْبُوقَةٌ بِوَصِيَّةِ اللَّهِ، وَذَلِكَ كَالْوَصَايَا الْمُتَضَمِّنَةِ لِتَفْضِيلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى بَعْضٍ، أَوِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الضِّرَارِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ إِلَى الْأَحْكَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَسَمَّاهَا حُدُودًا: لِكَوْنِهَا لَا تَجُوزُ مُجَاوَزَتُهَا، وَلَا يَحِلُّ تَعَدِّيهَا وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا يُفِيدُهُ عُمُومُ اللَّفْظِ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَهَكَذَا قَوْلُهُ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ: نُدْخِلْهُ بِالنُّونِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ. قَوْلُهُ: وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ أَيْ: وَلَهُ بَعْدَ إِدْخَالِهِ النَّارَ عَذَابٌ لَا يُعْرَفُ كُنْهُهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرٍ قال: عادني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِي يَا رسول الله! فنزلت [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] [1] .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ: سُؤَالُ امْرَأَةِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السدي

[1] ما بين حاصرتين استدرك من الدر المنثور [2/ 444] .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست