responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 548
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: يَشْتَرُونَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي بَيَانِ سُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَضِعْفِ اخْتِيَارِهِمْ، أَيْ: لَمْ يَكْتَفُوا بِمَا جَنَوْهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنِ اسْتِبْدَالِ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى، بَلْ أَرَادُوا مَعَ ضَلَالِهِمْ: أَنْ يَتَوَصَّلُوا بِكَتْمِهِمْ وَجَحْدِهِمْ إِلَى أَنْ تَضِلُّوا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ السَّبِيلَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي هُوَ سَبِيلُ الْحَقِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَمَا يُرِيدُونَهُ بِكُمْ مِنَ الْإِضْلَالِ، وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضِيَّةٌ، وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا لَكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً يَنْصُرُكُمْ فِي مُوَاطِنِ الْحَرْبِ، فَاكْتَفُوا بِوِلَايَتِهِ وَنَصْرِهِ، وَلَا تَتَوَلَّوْا غَيْرَهُ وَلَا تَسْتَنْصِرُوهُ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ:
بِاللَّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: زَائِدَةٌ. قَوْلُهُ: مِنَ الَّذِينَ هادُوا قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنْ جُعِلَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَا قَبْلُ فَلَا يُوقَفُ عَلَى قَوْلِهِ: نَصِيراً وَإِنْ جُعِلَتْ مُنْقَطِعَةً، فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى نَصِيرًا، وَالتَّقْدِيرُ: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا قَوْمٌ يُحَرِّفُونَ، ثُمَّ حُذِفَ، وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ أَيْثَمِ ... يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمِ
قَالُوا: الْمَعْنَى: لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا أَحَدٌ يَفْضُلُهَا، ثُمَّ حُذِفَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَحْذُوفُ لَفْظُ مَنْ، أَيْ:
مِنَ الَّذِينَ هَادَوْا مَنْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ كَقَوْلِهِ: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [1] أَيْ مَنْ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دمعه سابق له ... وآخر يذري عبرة العين بالهمل «2»
أَيْ: مَنْ دَمْعُهُ، وَأَنْكَرَهُ الْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ، لِأَنَّ حَذْفَ الْمَوْصُولِ كَحَذْفِ بَعْضِ الْكَلِمَةِ وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ:
مِنَ الَّذِينَ هادُوا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ. وَالتَّحْرِيفُ: الْإِمَالَةُ وَالْإِزَالَةُ، أَيْ: يُمِيلُونَهُ، وَيُزِيلُونَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَيَجْعَلُونَ مَكَانَهُ غَيْرَهُ أَوِ الْمُرَادُ: أَنَّهُمْ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَذَمَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ عِنَادًا وَبَغْيًا، وَتَأْثِيرًا لِغَرَضِ الدُّنْيَا. قَوْلُهُ: وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا أَيْ: سَمِعْنَا قَوْلَكَ، وَعَصَيْنَا أَمْرَكَ، وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ أَيِ: اسْمَعْ حَالَ كَوْنِكَ غَيْرَ مُسْمَعٍ. وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دعاء على النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى: اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ مَكْرُوهًا، أَوِ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ جَوَابًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي رَاعِنَا. وَمَعْنَى: لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ: أَنَّهُمْ يَلْوُونَهَا عَنِ الْحَقِّ، أَيْ: يُمِيلُونَهَا إِلَى مَا فِي قلوبهم، وأصل اللّي: القتل، وَهُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ. قَوْلُهُ: وَطَعْناً فِي الدِّينِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَيًّا، أَيْ: يَطْعَنُونَ فِي الدِّينِ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَعَلِمَ أَنَّا نَسُبُّهُ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا قَوْلَكَ: وَأَطَعْنا أَمْرَكَ وَاسْمَعْ مَا نَقُولُ وَانْظُرْنا أَيْ: لَوْ قَالُوا هَذَا مَكَانَ قَوْلِهِمْ رَاعِنَا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِمَّا قَالُوهُ، وَأَقْوَمَ أَيْ: أَعْدَلَ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لِمَا فِي هَذَا مِنَ الْمُخَالَفَةِ وَسُوءِ الْأَدَبِ، وَاحْتِمَالِ الذَّمِّ فِي رَاعِنَا، وَلكِنْ لَمْ يَسْلُكُوا الْمَسْلَكَ الْحَسَنَ، وَيَأْتُوا بِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَأَقُومُ، وَلِهَذَا: لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِبَعْضِ الْكُتُبِ دُونَ بَعْضٍ، وَبِبَعْضِ الرُّسُلِ دُونَ بَعْضٍ. قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ذكر

[1] الصافات: 164.
(2) . بالهمل: هملان العين: فيضانها بالدمع. ويذري: يصيب.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 548
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست