responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 556
لَمَّا أَمَرَ سُبْحَانَهُ الْقُضَاةَ وَالْوُلَاةَ إِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْحَقِّ، أَمْرَ النَّاسَ بِطَاعَتِهِمْ هَاهُنَا، وَطَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هِيَ: امْتِثَالُ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ هِيَ: فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ. وَأُولِي الْأَمْرِ:
هُمُ الْأَئِمَّةُ، وَالسَّلَاطِينُ، وَالْقُضَاةُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَا وِلَايَةٌ طَاغُوتِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً، فَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ: إِنَّ أُولِي الْأَمْرِ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالضَّحَّاكُ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُمْ أصحاب محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُمْ أَهْلُ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ، وَالرَّاجِحُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ الْمُنَازَعَةُ: الْمُجَاذَبَةُ، وَالنَّزْعُ: الْجَذْبُ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَنْتَزِعُ حُجَّةَ الْآخَرِ وَيَجْذِبُهَا، وَالْمُرَادُ: الِاخْتِلَافُ وَالْمُجَادَلَةُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فِي شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ أُمُورَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا قَالَ: فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ يَخْتَصُّ بِأُمُورِ الدِّينِ دُونَ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ: هُوَ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَالرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ: هُوَ الرَّدُّ إِلَى سُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَالرَّدُّ إِلَيْهِ: سُؤَالُهُ، هَذَا مَعْنَى الرَّدِّ إِلَيْهِمَا وَقِيلَ: مَعْنَى الرَّدِّ: أَنْ يَقُولُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ قَوْلٌ سَاقِطٌ، وَتَفْسِيرٌ بَارِدٌ، وَلَيْسَ الرَّدُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا الرَّدَّ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [1] قَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فِيهِ دَلِيلٌ: عَلَى أَنَّ هَذَا الرَّدَّ مُتَحَتِّمٌ عَلَى الْمُتَنَازِعِينَ، وَإِنَّهُ شَأْنُ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
ذلِكَ إِلَى الرَّدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أَيْ: مرجعا، من الأوّل: آل، يؤول إِلَى كَذَا، أَيْ: صَارَ إِلَيْهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ ذَلِكَ الرَّدَّ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَحْسَنُ مَرْجِعًا تَرْجِعُونَ إِلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّ الرَّدَّ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا مِنْ تَأْوِيلِكُمُ الَّذِي صِرْتُمْ إِلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، وَقِصَّتُهُ مَعْرُوفَةٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: طَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ:
اتِّبَاعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأُولِي الْأَمْرِ قَالَ: أُولِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ هُمُ الْأُمَرَاءُ، وَفِي لَفْظٍ: هُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قَالَ: أَهْلُ الْعِلْمِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قَالَ: إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ. ثُمَّ قَرَأَ: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مَيْمُونِ بن مهران في الآية قال: الردّ

[1] النساء: 83.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 556
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست