responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 565
جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [1] وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً [2] وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْبُرُوجِ الْمُشَيَّدَةِ هُنَا: قُصُورٌ مِنْ حَدِيدٍ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ: يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ: بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
وَقَالَ رَائِدُهُمْ أَرْسُوا نُزَاوِلُهَا قَوْلُهُ: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُنَافِقِينَ، أَيْ: إِنْ تُصِبْهُمْ نِعْمَةٌ نَسَبُوهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ تُصِبْهُمْ بَلِيَّةٌ وَنِقْمَةٌ نَسَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ كَمَا تَزْعُمُونَ، ثُمَّ نَسَبَهُمْ إِلَى الْجَهْلِ وَعَدَمِ الْفَهْمِ فَقَالَ: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً أَيْ: مَا بَالُهُمْ هَكَذَا. قَوْلُهُ: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ هَذَا الْخِطَابُ إِمَّا لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنَ النَّاسِ، أَوْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِيضًا لِأُمَّتِهِ، أَيْ: مَا أَصَابَكَ مِنْ خَصْبٍ وَرَخَاءٍ وَصِحَّةٍ وَسَلَامَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ جَهْدٍ وَبَلَاءٍ وَشِدَّةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ، بِذَنْبٍ أَتَيْتَهُ فَعُوقِبْتَ عَلَيْهِ وَقِيلَ:
إِنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الَّذِينَ لَا يَفْقَهُونَ حَدِيثًا، أَيْ: فَيَقُولُونَ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: إِنَّ أَلْفَ الِاسْتِفْهَامِ مُضْمَرَةٌ، أَيْ: أَفَمِنْ نَفْسِكَ؟ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَ
«3» والمعنى: أو تلك نِعْمَةٌ؟ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هَذَا رَبِّي [4] أَيْ: أَهَذَا رَبِّي، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ:
رَمَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرَعْ ... فَقُلْتُ وَأَنْكَرْتُ الْوُجُوهَ هُمُ هُمُ
أَيْ: أَهُمُ أهم؟ وَهَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مَا يُفِيدُ مُفَادَ هَذِهِ الْآيَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [5] ، وَقَوْلِهِ: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [6] . وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَلِقَوْلِهِ: وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ [7] ، وقوله: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَقَوْلِهِ: وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ [8] وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوَاطِنِهِ. قَوْلُهُ: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا فِيهِ الْبَيَانُ لِعُمُومِ رِسَالَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجَمِيعِ، كَمَا يُفِيدُهُ التَّأْكِيدُ بِالْمَصْدَرِ، وَالْعُمُومِ فِي النَّاسِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ [9] ، وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [10] وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [11] عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ فِيهِ: أَنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ طَاعَةٌ لِلَّهِ، وَفِي هَذَا مِنَ النِّدَاءِ بِشَرَفِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَعُلُوِّ شَانِهِ وَارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ، وَلَا يُبْلَغُ مَدَاهُ، وَوَجْهُهُ: أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَلَا يَنْهَى إِلَّا عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. وَمَنْ تَوَلَّى أَيْ:
أَعْرَضَ فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً أَيْ: حَافِظًا لِأَعْمَالِهِمْ، إِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَقَدْ نُسِخَ هَذَا بِآيَةِ السَّيْفِ وَيَقُولُونَ طاعَةٌ بِالرَّفْعِ، عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: أَمْرُنَا طَاعَةٌ، أَوْ شَأْنُنَا طَاعَةٌ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَالْجَحْدَرِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ: أَيْ: نُطِيعُ طَاعَةً، وَهَذِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، أَيْ: يَقُولُونَ إِذَا كَانُوا عِنْدَكَ طَاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ أي: خرجوا من عندك

[1] الفرقان: 61.
[2] الحجر: 16.
(3) . الشعراء: 22.
[4] الأنعام: 77.
[5] الشورى: 30.
[6] آل عمران: 165.
[7] آل عمران: 166.
[8] الرعد: 11.
[9] سبأ: 28.
[10] الأعراف: 158.
[11] الفتح: 28.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 565
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست