responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 575
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ، فَقِيلَ: هِيَ الَّتِي صَلَّتْ وَعَقَلَتِ الْإِيمَانَ، فَلَا تُجْزِئُ الصَّغِيرَةُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح: إنها تجزئ الصغيرة المولودة بين مسلمين. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يُجْزِئُ كُلُّ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ، وَلَا يُجْزِئُ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٌ، وَلَا أَشَلُّ، وَيُجْزِئُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ الْأَعْرَجُ وَالْأَعْوَرُ. قَالَ مَالِكٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَرَجًا شَدِيدًا. وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمُ الْمَجْنُونُ، وَفِي الْمَقَامِ تَفَاصِيلُ طَوِيلَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي عِلْمِ الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ الدِّيَةُ: مَا تُعْطَى عِوَضًا عَنْ دَمِ الْمَقْتُولِ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَالْمُسَلَّمَةُ: الْمَدْفُوعَةُ الْمُؤَدَّاةُ، وَالْأَهْلُ: الْمُرَادُ بِهِمُ الْوَرَثَةُ. وَأَجْنَاسُ الدِّيَةِ وَتَفَاصِيلُهَا قَدْ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ.
قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أَيْ: إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ أَهْلُ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ بِالدِّيَةِ، سُمِّيَ الْعَفْوُ عَنْهَا: صَدَقَةً، تَرْغِيبًا فِيهِ. وقرأ أبيّ: إلّا أن يَتَصَدَّقُوا، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ أَيْ: فَعَلَيْهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَّا أَنْ يَقَعَ الْعَفْوُ مِنَ الْوَرَثَةِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أَيْ: فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ، وَهُمُ الْكُفَّارُ الْحَرْبِيُّونَ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْتُلُهُ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، فَلَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ بَلْ عَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ سُقُوطِ الدِّيَةِ، فَقِيلَ: وَجْهُهُ: أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْقَتِيلِ كُفَّارٌ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيَةِ وَقِيلَ: وَجْهُهُ: أَنَّ هَذَا الَّذِي آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ حُرْمَتُهُ قَلِيلَةٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ دِيَتَهُ وَاجِبَةٌ لِبَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَيْ: مُؤَقَّتٌ أَوْ مُؤَبَّدٌ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ فِدْيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ أَيْ: فَعَلَى قَاتِلِهِ دِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ إِلَى أَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ وَرَثَتُهُ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أَيِ: الرَّقَبَةَ، وَلَا اتَّسَعَ مَالُهُ لِشِرَائِهَا فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ أَيْ: فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ صَوْمِهِمَا إِفْطَارٌ فِي نَهَارٍ، فَلَوْ أَفْطَرَ اسْتَأْنَفَ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَمَّا الْإِفْطَارُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ. وَاخْتُلِفَ فِي الْإِفْطَارِ لِعَرَضِ الْمَرَضِ. قَوْلُهُ: تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، أَيْ: شَرَعَ ذَلِكَ لَكُمْ تَوْبَةً، أَيْ: قَبُولًا لِتَوْبَتِكُمْ، أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، أَيْ: تَابَ عَلَيْكُمْ تَوْبَةً، وَقِيلَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ ذَا تَوْبَةٍ كَائِنَةٍ مِنَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ لَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حُكْمَ الْقَاتِلِ خَطَأً بَيَّنَ حُكْمَ الْقَاتِلِ عَمْدًا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى الْعَمْدِ فَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ الْقَتْلُ بِحَدِيدَةٍ، كَالسَّيْفِ، وَالْخِنْجَرِ، وَسِنَانِ الرُّمْحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَدَّدِ، أَوْ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّ فِيهِ الْمَوْتَ، مِنْ ثقال الحجارة ونحوهما. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ كُلُّ قَتْلٍ مِنْ قَاتِلٍ قاصد للفعل، بحديدة، أو بحجر، أو بعصا، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَكُونَ بِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِلَى أَنَّ الْقَتْلَ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
عَمْدٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، وَخَطَأٌ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ لَيْسَ هَذَا مَقَامُ بَسْطِهَا. وَذَهَبَ آخَرُونَ: إِلَى أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا الْقِسْمَانِ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ:

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست