نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 174
أو قطيعة رحم ما لم يستعجل» قيل: يا رسول الله وما الاستعجال. قال: «يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» .
والصائم أقرب الدعاة استجابة، كما روى الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده- بإسناده- عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة» .. فكان عبد الله بن عمر إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا. وروى ابن ماجه في سننه- بإسناده- عن عبد الله بن عمر كذلك قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد» وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة- رضي الله عنه-:
قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» ..
ومن ثم جاء ذكر الدعاء في ثنايا الحديث عن الصيام.
187- ثم يمضي السياق يبين للذين آمنوا بعض أحكام الصيام. فيقرر لهم حل المباشرة للنساء في ليلة الصوم ما بين المغرب والفجر، وحل الطعام والشراب كذلك، كما يبين لهم مواعيد الصوم من الفجر إلى الغروب، وحكم المباشرة في فترة الاعتكاف في المساجد:
«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ، هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ، وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها. كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» .
وفي أول فرض الصوم كانت المباشرة والطعام والشراب تمتنع لو نام الصائم بعد إفطاره. فإذا صحا بعد نومه من الليل- ولو كان قبل الفجر- لم تحل له المباشرة ولم يحل له الطعام والشراب. وقد وقع أن بعضهم لم يجد طعاماً عند أهله وقت الإفطار، فغلبه النوم، ثم صحا فلم يحل له الطعام والشراب فواصل. ثم جهد في النهار التالي وبلغ أمره إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- كما وقع أن بعضهم نام بعد الإفطار أو نامت امرأته، ثم وجد في نفسه دفعة للمباشرة ففعل وبلغ أمره إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وبدت المشقة في أخذ المسلمين بهذا التكليف، فردهم الله إلى اليسر وتجربتهم حاضرة في نفوسهم، ليحسوا بقيمة اليسر وبمدى الرحمة والاستجابة.. ونزلت هذه الآية. نزلت تحل لهم المباشرة ما بين المغرب والفجر:
«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» ..
والرفث مقدمات المباشرة، أو المباشرة ذاتها، وكلاهما مقصود هنا ومباح.. ولكن القرآن لا يمر على هذا المعنى دون لمسة حانية رفافة، تمنح العلاقة الزوجية شفافية ورفقاً ونداوة، وتنأى بها عن غلظ المعنى الحيواني وعرامته، وتوقظ معنى الستر في تيسير هذه العلاقة:
«هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» ..
واللباس ساتر وواق.. وكذلك هذه الصلة بين الزوجين. تستر كلاًّ منهما وتقيه. والإسلام الذي يأخذ
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 174