responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 245
ولكنه لم يترك الرجل مطلق الإرادة كذلك، لأنه قد يكون باغياً في بعض الحالات يريد اعنات المرأة وإذلالها أو يريد إيذاءها لتبقى معلقة، لا تستمتع بحياة زوجية معه، ولا تنطلق من عقالها هذا لتجد حياة زوجية أخرى.
فتوفيقاً بين الاحتمالات المتعددة، ومواجهة للملابسات الواقعية في الحياة. جعل هنالك حداً أقصى للإيلاء.
لا يتجاوز أربعة أشهر. وهذا التحديد قد يكون منظوراً فيه إلى أقصى مدى الاحتمال، كي لا تفسد نفس المرأة، فتتطلع تحت ضغط حاجتها الفطرية إلى غير رجلها الهاجر. وقد روي أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- خرج من الليل يعس. أي يتحسس حاجات الناس وأحوالهم متخفياً. فسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل وأسود جانبه ... وأرقني إلا خليل ألاعبه
فو الله، لولا الله إني أراقبه ... لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عمر ابنته حفصة- رضي الله عنها- كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر- أو أربعة أشهر- فقال عمر: لا أحبس أحداً من الجياش أكثر من ذلك.. وعزم على ألا يغيب المجاهدون من الجند أكثر من هذه الفترة..
وعلى أية حال فإن الطبائع تختلف في مثل هذه الأمور. ولكن أربعة أشهر مدة كافية ليختبر الرجل نفسه ومشاعره. فإما أن يفيء ويعود إلى استئناف حياة زوجية صحيحة، ويرجع إلى زوجه وعشه، وإما أن يظل في نفرته وعدم قابليته. وفي هذه الحالة ينبعي أن تفك هذه العقدة وأن ترد إلى الزوجة حريتها بالطلاق.
فإما طلق وإما طلقها عليه القاضي. وذلك ليحاول كل منهما أن يبدأ حياة زوجية جديدة مع شخص جديد.
فذلك أكرم للزوجة وأعف وأصون وأروح للرجل كذلك وأجدى وأقرب إلى العدل والجد في هذه العلاقة التي أراد الله بها امتداد الحياة لا تجميد الحياة.
228- والآن وقد انتهى السياق إلى الطلاق، فإنه يأخذ في تفصيل أحكام الطلاق وما يتبعه من العدة والفدية والنفقة والمتعة.. إلى آخر الآثار المترتبة على الطلاق..
ويبدأ بحكم العدة والرجعة:
«وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ- إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ- وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ- إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً- وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ..
يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء- أي ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار من الحيضات على خلاف.
يتربصن بأنفسهن.. لقد وقفت أمام هذا التعبير اللطيف التصوير لحالة نفسية دقيقة.. إن المعنى الذهني المقصود هو أن ينتظرن دون زواج جديد حتى تنقضي ثلاث حيضات، أو حتى يطهرن منها.. ولكن التعبير القرآني يلقي ظلالاً أخرى بجانب ذلك المعنى الذهني.. إنه يلقي ظلال الرغبة الدافعة إلى استئناف حياة زوجية جديدة. رغبة الأنفس التي يدعوهن إلى التربص بها، والإمساك بزمامها، مع التحفز، والتوفز. الذي يصاحب صورة التربص. وهي حالة طبيعية، تدفع إليها رغبة المرأة في أن تثبت لنفسها ولغيرها أن إخفاقها في حياة الزوجية لم يكن لعجز فيها أو نقص، وأنها قادرة على أن تجتذب رجلاً آخر، وأن تنشئ حياة جديدة..
هذا الدافع لا يوجد بطبيعته في نفس الرجل، لأنه هو الذي طلق بينما يوجد بعنف في نفس المرأة لأنها هي

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست