نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 357
ولا يتم التعريف المجمل بهذه السورة حتى نلم بثلاثة خطوط عريضة فيها، تتناثر نقطها في السورة كلها، وتتجمع وتتركز في مجموعها، حتى ترسم هذه الخطوط العريضة بوضوح وتوكيد..
أول هذه الخطوط بيان معنى «الدِّينَ» ومعنى «الْإِسْلامُ» .. فليس الدين- كما يحدده الله- سبحانه- ويريده ويرضاه- هو كل اعتقاد في الله.. إنما هي صورة واحدة من صور الاعتقاد فيه- سبحانه- صورة التوحيد المطلق الناصع القاطع: توحيد الألوهية التي يتوجه إليها البشر كما تتوجه إليها سائر الخلائق في الكون بالعبودية.
وتوحيد القوامة على البشر وعلى الكون كله. فلا يقوم شيء لا بالله تعالى، ولا يقوم على الخلائق إلا الله تعالى.
ومن ثم يكون الدين الذي يقبله الله من عباده هو «الإسلام» وهو في هذه الحالة: الاستسلام المطلق للقوامة الإلهية، والتلقي من هذا المصدر وحده في كل شأن من شؤون الحياة، والتحاكم إلى كتاب الله المنزل من هذا المصدر، واتباع الرسل الذين نزل عليهم الكتاب. وهو في صميمه كتاب واحد، وهو في صميمه دين واحد.. الإسلام.. بهذا المعنى الواقعي في ضمائر الناس وواقعهم العملي على السواء. والذي يتلقي عليه كل المؤمنين أتباع الرسل.. كل في زمانه.. متى كان معنى إسلامه هو الاعتقاد بوحدة الألوهية والقوامة والطاعة والاتباع في منهج الحياة كله بلا استثناء.
ويتكئ سياق السورة على هذا الخط ويوضحه في أكثر من ثلاثين موضعا من السورة بشكل ظاهر ملحوظ..
نضرب له بعض الأمثلة في هذا التعريف المجمل:
«اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» .. «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .. «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» .. «فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ. وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ: أَأَسْلَمْتُمْ؟ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا..» .. «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ» .. «قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..» .. «قُلْ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ» ..
«قالَ الْحَوارِيُّونَ: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ» .. «قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» .. «ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .. «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ؟» .. «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» .. وغيرها كثير..
فأما الخط الثاني الذي يركز عليه سياق السورة فهو تصوير حال المسلمين مع ربهم واستسلامهم له، وتلقيهم لكل ما يأتيهم منه بالقبول والطاعة والاتباع الدقيق.. ونضرب له كذلك بعض الأمثلة في هذا التعريف بالسورة حتى نواجهه مفصلا عند استعراض النصوص بالتفصيل:
«وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا- وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ» .. «الَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ» .. «قالَ الْحَوارِيُّونَ: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. رَبَّنا»
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 357