نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 409
هذا الشوط من السورة ما يزال يجري مع الخط الأول الأساسي العريض فيها.. خط المعركة بين أهل الكتاب والجماعة المسلمة.. معركة العقيدة، وما يبذل أعداء هذا الدين من جهد ومن حيلة ومن مكيدة ومن خداع، ومن كذب، ومن تدبير، للبس الحق بالباطل، وبث الريب والشكوك، وتبييت الشر والضر لهذه الأمة بلا وناة ولا انقطاع.. ثم.. مواجهة القرآن لهذا كله، بتبصير المؤمنين بحقيقة ما هم عليه من الحق وحقيقة ما عليه أعداؤهم من الباطل وحقيقة ما يبيته لهم هؤلاء الأعداء.. وأخيراً بتشريح هؤلاء الأعداء.. طباعهم وأخلاقهم وأعمالهم ونياتهم.. على مشهد من الجماعة المسلمة، لتعريفها حقيقة أعدائها، وفضح ما يضفونه على أنفسهم من مظاهر العلم والمعرفة، وتبديد ثقة المخدوعين من المسلمين فيهم، وتنفيرهم من حالهم، وإسقاط دسائسهم بتركها مكشوفة عوراء، لا تخدع أحداً ولا تنطلي على أحد! ويبدأ هذا الشوط بمواجهة أهل الكتاب- اليهود والنصارى- بسخف موقفهم وهم يحاجون في إبراهيم- عليه السلام- فيزعم اليهود أنه كان يهودياً، ويزعم النصارى أنه كان نصرانياً. على حين أن إبراهيم سابق لليهودية والنصرانية، سابق للتوراة والإنجيل. والحجاج فيه على هذا النحو مراء لا يستند إلى دليل.. ويقرر حقيقة ما كان عليه إبراهيم.. لقد كان على الإسلام.. دين الله القويم. وأولياؤه هم الذين يسيرون على نهجه.
والله ولي المؤمنين أجمعين.. ومن ثم تسقط ادعاءات هؤلاء وهؤلاء ويتبين خط الإسلام الواصل بين رسل الله والمؤمنين بهم على توالي القرون: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ، وَهذَا النَّبِيُّ، وَالَّذِينَ آمَنُوا. وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» ..
يلي ذلك في السياق كشف الهدف الأصيل الكامن وراء مماراة أهل الكتاب في إبراهيم وغير إبراهيم- مما سبق في السورة ومما سيجيء- فهو الرغبة الملحة في إضلال المسلمين عن دينهم، وتشكيكهم في عقيدتهم..
ومن ثم يتجه بالتقريع إلى المضللين: «يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ؟ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ؟» ..
ثم يطلع الجماعة المسلمة على لون من تبييت أعدائهم وتدبيرهم، لزعزعة ثقتهم في عقيدتهم ودينهم، بطريقة خبيثة ما كرة لئيمة. ذلك أن يعلنوا إيمانهم بالإسلام أول النهار، ثم يكفروا بالإسلام آخره.. كي يلقوا في
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 409