responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 420
80- والنبي لا يأمر الناس أبداً أن يتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، فالنبي لا يأمر الناس بالكفر بعد أن يسلموا لله ويستسلموا لألوهيته، وقد جاء ليهديهم إلى الله لا ليضلهم، وليقودهم إلى الإسلام لا ليكفرهم! ومن ثم تتجلى استحالة هذا الذي ينسبه ذلك الفريق إلى عيسى- عليه السلام- كما يتجلى الكذب على الله في ادعائهم أن هذا من عند الله.. وتسقط في الوقت ذاته قيمة كل ما يقوله هذا الفريق وما يعيده لإلقاء الريب والشكوك في الصف المسلم. وقد عراهم القرآن هذه التعرية على مرأى ومسمع من الجماعة المسلمة! ومثل هذا الفريق من أهل الكتاب فريق ممن يدعون الإسلام، ويدعون العلم بالدين كما أسلفنا. وهم أولى بأن يوجه إليهم هذا القرآن اليوم. وهم يلوون النصوص القرآنية ليا، لإقامة أرباب من دون الله في شتى الصور. وهم يتصيدون من النصوص ما يلوونه لتمويه هذه المفتريات. «وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» ! 81- بعد ذلك يصور حقيقة الترابط بين موكب الرسل والرسالات، على عهد من الله وميثاق، ينبني عليه فسوق من يتولى عن اتباع آخر الرسالات، وشذوذه عن عهد الله وناموس الكون كله على الإطلاق:
«وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ: لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ، ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ. قالَ: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي؟ قالُوا: أَقْرَرْنا. قالَ: فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ. فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ؟» ..
لقد أخذ الله- سبحانه- موثقاً رهيباً جليلاً كان هو شاهده وأشهد عليه رسله. موثقاً على كل رسول. أنه مهما آتاه من كتاب وحكمة، ثم جاء رسول بعده مصدقاً لما معه، أن يؤمن به وينصره، ويتبع دينه. وجعل هذا عهداً بينه وبين كل رسول.
والتعبير القرآني يطوي الأزمنة المتتابعة بين الرسل ويجمعهم كلهم في مشهد. والله الجليل الكبير يخاطبهم جملة: هل أقروا هذا الميثاق وأخذوا عليه عهد الله الثقيل:
«قالَ: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي؟» ..
وهم يجيبون:
«قالُوا أَقْرَرْنا» ..
فيشهد الجليل على هذا الميثاق ويشهدهم عليه:
«قالَ: فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ» :
هذا المشهد الهائل الجليل، يرسمه التعبير، فيجف له القلب ويجب وهو يتمثل المشهد بحضرة البارئ الجليل، والرسل مجتمعين..
وفي ظل هذا المشهد يبدو الموكب الكريم متصلاً متسانداً مستسلماً للتوجيه العلوي، ممثلاً للحقيقة الواحدة التي شاء الله- سبحانه- أن تقوم عليها الحياة البشرية، ولا تنحرف، ولا تتعدد، ولا تتعارض، ولا تتصادم.. إنما ينتدب لها المختار من عباد الله ثم يسلمها إلى المختار بعده، ويسلم نفسه معها لأخيه اللاحق به.
فما للنبي في نفسه من شيء وما له في هذه المهمة من أرب شخصي، ولا مجد ذاتي. إنما هو عبد مصطفى،

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست