responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 424
في الآخرة من الخاسرين. ولن يهديهم الله، ولن يعفيهم من العذاب:
«كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ، وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ، وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ. وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ» ..
وهي حملة رعيبة يرجف لها كل قلب فيه ذرة من إيمان ومن جدية الأمر في الدنيا وفي الآخرة سواء.
وهو جزاء حق لمن تتاح له فرصة النجاة، ثم يعرض عنها هذا الإعراض.
89- ولكن الإسلام- مع هذا- يفتح باب التوبة، فلا يغلقه في وجه ضال يريد أن يتوب ولا يكلفه إلا أن يطرق الباب. بل أن يدلف إليه فليس دونه حجاب. وإلا أن يفيء إلى الحمى الآمن، ويعمل صالحاً.
فيدل على أن التوبة صادرة من قلب تاب:
«إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ..
90- فأما الذين لا يتوبون ولا يثوبون. الذين يصرون على الكفر ويزدادون كفراً. والذين يلجون في هذا الكفر حتى تفلت الفرصة المتاحة، وينتهي أمد الاختبار، ويأتي دور الجزاء. هؤلاء وهؤلاء لا توبة لهم ولا نجاة.
91- ولن ينفعهم أن يكونوا قد أنفقوا ملء الأرض ذهباً فيما يظنون هم أنه خير وبر، مادام مقطوعاً عن الصلة بالله.
ومن ثم فهو غير موصول به ولا خالص له بطبيعة الحال. ولن ينجيهم أن يقدموا ملء الأرض ذهباً ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة. فقد أفلتت الفرصة وأغلقت الأبواب:
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ. أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ» ..
وهكذا يحسم السياق القضية بهذا التقرير المروع المفزع، وبهذا التوكيد الواضح الذي لا يدع ريبة لمستريب.
92- وبمناسبة الإنفاق على غير درب الله، وفي غير سبيله، وبمناسبة الافتداء يوم لا ينفع الفداء، يبين البذل الذي يرضاه:
«لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ. وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» ..
وقد فقه المسلمون وقتها معنى هذا التوجيه الإلهي، وحرصوا على أن ينالوا البر- وهو جماع الخير- بالنزول عما يحبون، ويبذل الطيب من المال، سخية به نفوسهم في انتظار ما هو أكبر وأفضل.
روى الإمام أحمد- بإسناده- عن أبي إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: سمع أنس بن مالك يقول:
كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا، وكان أحب أمواله إليه بير «حاء» . وكانت مستقبلة المسجد. وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما نزلت: «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» .. قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله يقول: «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» وإن أحب أموالي إليّ بير «حاء» وإنها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى. فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «بخ بخ. ذاك مال رابح. ذاك مال رابح. وقد سمعت. وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين» فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست