responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 551
لنفسه في نفسه، أو بقيت فيه بقية لم تدخل في السلم كافة [1] .
199- وقبل ختام السورة يعود السياق إلى أهل الكتاب، فيقرر أن فريقاً منهم يؤمن إيمان المسلمين، وقد انضم إلى موكب الإسلام معهم. وسار سيرتهم. وله كذلك جزاؤهم:
«وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ. خاشِعِينَ لِلَّهِ، لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا. أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ. إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ» .
إنه الحساب الختامي مع أهل الكتاب. وقد ذكر من طوائفهم ومواقفهم فيما سبق من السورة الكثير. ففي معرض الإيمان، وفي مشهد الدعاء والاستجابة، يذكر كذلك أن من أهل الكتاب من سلكوا الطريق، وانتهوا إلى النهاية. فآمنوا بالكتاب كله، ولم يفرقوا بين الله ورسله، ولم يفرقوا بين أحد من رسله. آمنوا بما أنزل إليهم من قبل، وآمنوا بما أنزل للمسلمين- وهذه سمة هذه العقيدة التي تنظر إلى موكب الإيمان نظرة القرب والود وتنظر إلى خط العقيدة موصولاً بالله، وتنظر إلى منهج الله في وحدته وكليته الشاملة، ويبرز من سمات المؤمنين من أهل الكتاب: سمة الخشوع لله وسمة عدم شرائهم بآياته ثمناً قليلاً.. ليفرقهم بهذا من صفوف أهل الكتاب، وسمتهم الأصيلة هي التبجح وقلة الحياء من الله. ثم التزوير والكتمان لآيات الله، لقاء أعراض الحياة الرخيصة! ويعدهم أجر المؤمنين عند الله. الذي لا يمطل المتعاملين معه- حاشاه-! «إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ» ..
200- ثم يجيء الإيقاع الأخير، في نداء الله للذين آمنوا، وتلخيص أعباء المنهج، وشرط الطريق:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا، وَصابِرُوا، وَرابِطُوا، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» ..
إنه النداء العلوي للذين آمنوا. نداؤهم بالصفة التي تربطهم بمصدر النداء. والتي تلقي عليهم هذه الأعباء.
والتي تؤهلهم للنداء وتؤهلهم للأعباء، وتكرمهم في الأرض كما تكرمهم في السماء:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» .
النداء لهم. للصبر والمصابرة، والمرابطة، والتقوى..
وسياق السورة حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى.. يذكران مفردين، ويذكران مجتمعين.. وسياق السورة حافل كذلك بالدعوة إلى الاحتمال والمجاهدة ودفع الكيد وعدم الاستماع لدعاة الهزيمة والبلبلة، ومن ثم تختم السورة بالدعوة إلى الصبر والمصابرة، وإلى المرابطة والتقوى، فيكون هذا أنسب ختام.
والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة. إنه طريق طويل شاق، حافل بالعقبات والأشواك، مفروش بالدماء والأشلاء، وبالإيذاء والابتلاء.. الصبر على أشياء كثيرة: الصبر على شهوات النفس ورغائبها، وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وعجلتها وملالها من قريب! والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم، وانحراف طباعهم، وأثرتهم، وغرورهم، والتوائهم، واستعجالهم

[1] راجع ص 206- 212 من الجزء الثاني في تفسير قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 551
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست