responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 549
رَبَّهُم بالغيب لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وقوله ها هنا: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ}، قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: يَعْنِي بَعْدَ هَذَا الْإِعْلَامِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّقَدُّمِ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَ اللَّهِ وَشَرْعَهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، وَهَذَا تَحْرِيمٌ مِنْهُ تَعَالَى لِقَتْلِ الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَنُهِيَ عَنْ تَعَاطِيهِ فِيهِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ من حيث المعنى المأكول، ولو ما تولد مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، فَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهَا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِهَا أَيْضًا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَمْسُ فَوَاسَقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ والحدأة والفأرة والكلب العقور". قال أيوب: فقلت لِنَافِعٍ فَالْحَيَّةُ؟ قَالَ: الْحَيَّةُ لَا شَكَّ فِيهَا وَلَا يُخْتَلَفُ فِي قَتْلِهَا؛ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ مَنْ أَلْحَقَ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ «الذِّئْبَ وَالسَّبُعَ وَالْفَهْدَ» لِأَنَّهَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقال زيد بْنُ أَسْلَمَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ يَشْمَلُ هَذِهِ السِّبَاعَ الْعَادِيَةَ كُلَّهَا، وَاسْتَأْنَسَ مَنْ قَالَ بِهَذَا بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ قَالَ: "اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ بِالشَّامِ، فأكله السبع بالزرقاء.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ ما قتل من النعم} الذي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْعَامِدَ وَالنَّاسِيَ سَوَاءٌ فِي وجوب الجزاء عليه، وقال الزُّهْرِيُّ: دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى الْعَامِدِ وَجَرَتِ السُّنَّةُ عَلَى النَّاسِي، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَعَلَى تَأْثِيمِهِ بِقَوْلِهِ: {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} وَجَاءَتِ السُّنَّةُ مِنْ أَحْكَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْكَامِ أَصْحَابِهِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الْخَطَأِ كَمَا دَلَّ الْكِتَابُ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ، وَأَيْضًا فإن قتل الصيد إتلاف مَضْمُونٌ فِي الْعَمْدِ وَفِي النِّسْيَانِ، لَكِنَّ الْمُتَعَمِّدَ مأثوم والمخطىء غير ملوم، وقوله تَعَالَى: {فجزاءٌ مثلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} قرأ بعضهم بالإضافة، وقرأ آخرون بعطفها، وحكى ابن جرير أن ابن مسعود قرأ: {فَجَزَاؤُهُ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} وَفِي قَوْلِهِ: {فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} عَلَى كُلٍّ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ دَلِيلٌ لِمَا ذَهَبَ إليه الجمهور مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ مِنْ مِثْلِ مَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ إِذَا كَانَ لَهُ مِثْلٌ مِنَ الْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَقْتُولُ مِثْلِيًّا أو غير مثلي.
وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ} يَعْنِي أَنَّهُ يحكم بالجزاء في المثل أو بالقيمة من غَيْرِ الْمَثَلِ عَدْلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَاتِلِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ الْحَكَمَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا): لَا، لِأَنَّهُ قَدْ يُتَّهَمُ فِي حُكْمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، (وَالثَّانِي): نَعَمْ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشافعي وأحمد، قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: أن أعرابياً أتى أبا بكر فقال: قَتَلْتُ صَيْدًا وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَمَا تَرَى عَلَيَّ مِنَ الْجَزَاءِ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَهُ: ما ترى فيها؟ قَالَ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَتَيْتُكَ وَأَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُكَ، فَإِذَا أَنْتَ تَسْأَلُ غَيْرَكَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا تُنْكِرُ؟ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ}، فَشَاوَرْتُ صَاحِبِي، حَتَّى إِذَا اتَّفَقْنَا عَلَى أمر أمرناك بِهِ (قال ابن كثير: وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ مَيْمُونٍ والصدّيق) فبين

نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست