responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 627
يقول تعالى آمراً عبده ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ} يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً على الله، {لا أجد فيما أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} أَيْ آكُلٍ يَأْكُلُهُ، قِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أَجِدُ شَيْئًا مِمَّا حَرَّمْتُمْ حَرَامًا سِوَى هَذِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أَجِدُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ شَيْئًا حَرَامًا سِوَى هذه، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} يَعْنِي الْمِهْرَاقَ، وقال عكرمة: لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَتَتَبَّعَ النَّاسُ مَا فِي العروق كما تتبعه اليهود، وقال حماد: إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَنِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: حُرِّمَ مِنَ الدِّمَاءِ مَا كَانَ مَسْفُوحًا، فأما اللحم خالطه الدم فلا بأس به، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى بِلُحُومِ السِّبَاعِ بَأْسًا وَالْحُمْرَةِ وَالدَّمِ يَكُونَانِ عَلَى الْقِدْرِ بَأْسًا، وَقَرَأَتْ هذه الآية (رواه ابن جرير عن عائشة، قال ابن كثير: صحيح غريب). وقال الحميدي عن عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ، قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرٍ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ (الْحَكَمُ بْنِ عَمْرٍو) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبَى ذلك البحر يَعْنِي (ابْنَ عَبَّاسٍ) وَقَرَأَ: {قُل لَا أَجِدُ فيما أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} (رواه البخاري وأبو داود والحاكم) الآية، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا، فَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سكت عنه فهو عفو، وقرأ هذه الآية: {قُلِ لا أجد فيما أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية (هذا لفظ ابن مردويه ورواه أبو داود، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَتْ فُلَانَةٌ تَعْنِي الشَّاةَ، قَالَ: «فَلِمَ لَا أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا» قَالَتْ: نَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {قُل لاَّ أَجِدُ فيما أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} وإنكم لا تطعمونه، وأن تَدْبِغُوهُ فَتَنْتَفِعُوا بِهِ"، فَأَرْسَلَتْ فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا، فَدَبَغَتْهُ، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها (أخرجه أحمد، ورواه البخاري والنسائي بنحوه). وقال سعيد بن منصور عن نميلة الفزاريُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ أَكْلِ الْقُنْفُذِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: {قُل لاَّ أجد فيما أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الْآيَةَ، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «خَبِيثٌ مِنَ الْخَبَائِثِ»، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ (وَرَوَاهُ أَبُو داود عن سعيد بن منصور).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} أَيْ فَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ مما حرم الله فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَلَبِّسٍ بِبَغْيٍ وَلَا عُدْوَانٍ، {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أَيْ غَفُورٌ لَهُ رَحِيمٌ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا فِيهِ كفاية، والغرض مِنْ سِيَاقِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا مَا ابْتَدَعُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِآرَائِهِمُ الْفَاسِدَةِ مِنَ الْبَحِيرَةِ والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك، فأمر رَسُولَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِيمَا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَمْ يُحَرَّمْ، وَإِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَكَيْفَ تزعمون أنتم

نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست