responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 260
تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَارْكَبْنِي، فَقَدْ طَالَمَا رَكِبْتُكَ فِي الدُّنْيَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مَرْيَمَ: 85] أَيْ رُكْبَانًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَسْتَقْبِلُهُ أَقْبَحُ شَيْءٍ صُورَةً وَأَنْتَنُهُ رِيحًا، فَيَقُولُ: هل تعرفني؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ طَالَمَا رَكِبْتَنِي فِي الدُّنْيَا فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْكَبُكَ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الْأَنْعَامِ: 31] {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [الأنعام: 31] يحملون قال ابن عباس. أي بِئْسَ الْحِمْلُ حَمَلُوا.
[32] ، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الأنعام: 32] بَاطِلٌ وَغُرُورٌ لَا بَقَاءَ لَهَا {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} [الأنعام: 32] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ (وَلَدَارُ الْآخِرَةِ) مُضَافًا أَضَافَ الدَّارَ إِلَى الْآخِرَةِ، وَيُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، كَقَوْلِهِ: (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) ، وَقَوْلِهِمْ: رَبِيعُ الْأَوَّلِ وَمَسْجِدُ الْجَامِعِ، سُمِّيَتِ الدُّنْيَا لِدُنُوِّهَا، وَقِيلَ: لِدَنَاءَتِهَا، وَسُمِّيَتِ الْآخِرَةُ لِأَنَّهَا بَعْدَ الدُّنْيَا، {خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 32] الشرك، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32] أي: أَنَّ الْآخِرَةَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ ويعقوب (أفلا تعقلون) بالتاء ها هنا وفي الأعراف وسورة يوسف ويس، وَوَافَقَ أَبُو بَكْرٍ فِي سُورَةِ يُوسُفَ، وَوَافَقَ حَفْصٌ إِلَّا فِي سُورَةِ يس، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ فِيهِنَّ.
[33] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [الأنعام: 33] قَالَ السُّدِّيُّ: الْتَقَى الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ الْأَخْنَسُ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ بن عبد الله أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ "؟ فَإِنَّهُ ليس ها هنا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامَكَ غَيْرِي، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَ بَنُو قُصَيٍّ بِاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ وَالْحِجَابَةِ وَالنَّدْوَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَمَاذَا يَكُونُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَالَ نَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا نَتَّهِمُكَ وَلَا نُكَذِّبُكَ وَلَكِنَّا نُكَذِّبُ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [الأنعام: 33] [1] . بِأَنَّكَ كَاذِبٌ، {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} [الأنعام: 33] قَرَأَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَالتَّكْذِيبُ هُوَ أَنْ تَنْسُبَهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَتَقُولَ لَهُ: كَذَبْتَ، وَالْإِكْذَابُ هُوَ أَنْ تَجِدَهُ كَاذِبًا، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَجْدَبْتُ الْأَرْضَ وَأَخْصَبْتُهَا إِذَا وَجَدْتُهَا جَدْبَةً وَمُخَصَّبَةً، {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] يَقُولُ: إِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ فِي السِّرِّ لِأَنَّهُمْ عَرَفُوا صِدْقَكَ فِيمَا مَضَى، وَإِنَّمَا يُكْذِّبُونَ وحْيي وَيَجْحَدُونَ آيَاتِي، كَمَا قَالَ. {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النَّمْلِ: 14]
[34] ، {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [الأنعام: 34] كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ كَمَا كَذَّبَتْكَ قُرَيْشٌ، {فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام: 34] بِتَعْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُمْ، {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34] لَا نَاقِضَ لِمَا حَكَمَ بِهِ، وَقَدْ حَكَمَ فِي كِتَابِهِ بِنَصْرِ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَقَالَ: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ - إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ - وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصَّافَّاتِ: 171 - 173] وَقَالَ. {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} [غَافِرٍ: 51] وَقَالَ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [الْمُجَادَلَةِ: 21] وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا خُلْفَ لِعِدَتِه، {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] وَ (مِنْ) صِلَةٌ كَمَا تَقُولُ: أَصَابَنَا مِنْ مَطَرٍ.
[35] ، {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} [الأنعام: 35] أَيْ: عَظُمَ عَلَيْكَ وَشَقَّ أَنْ أَعْرَضُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِكَ، وَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرِصُ عَلَى إِيمَانِ قَوْمِهِ أَشَدَّ الْحِرْصِ، وَكَانُوا إِذْ سَأَلُوا آيَةً أَحَبَّ أَنْ يُرِيَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ طَمَعًا فِي إِيمَانِهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا} [الأنعام: 35] تطلب وتتخذ نفقا سربا {فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 35] وَمِنْهُ نَافَقَاءُ الْيَرْبُوعِ وَهُوَ أَحَدُ جحريه فتذهب فيه، {أَوْ سُلَّمًا} [الأنعام: 35] أَيْ: دَرَجًا وَمِصْعَدًا، {فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 35] فتصعد فيه، {فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} [الأنعام: 35]

[1] أخرجه الترمذي في التفسير 8 / 437 والحاكم في المستدرك 2 / 315 وقال صحيح على شرط الشيخين.
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست