نام کتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد نویسنده : نووي الجاوي، محمد بن عمر جلد : 1 صفحه : 579
الخزائن السلطانية وَما نُنَزِّلُهُ أي ما نوجد شيئا إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) أي إلا ملتبسا بمقدار معين تقتضيه الحكمة فقوله تعالى: إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ إشارة إلى كون مقدوراته غير متناهية وقوله تعالى: وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ إشارة إلى أن كل ما يدخل في الوجود منها فهو متناه ومتى كان الخارج إلى الوجود منها متناهيا كان مختصا بوقت مقدر وبحيز معين وبصفات معينة بدلا عن أضدادها، فتخصيص كل شيء بما اختص به لا بد له من حكمة تقتضي ذلك.
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: إن في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البحر والبر
وهو تأويل قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ. وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ أي حوامل لأنها تحمل الماء وتمجه في السحاب فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ أي السحاب ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ أي جعلناه لكم سقيا وفي هذا دلالة على جعل الماء معدا لهم ينتفعون به متى شاؤوا وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (22) أي نحن القادرون على إيجاده وخزنه في السحاب وإنزاله في الأرض وما أنتم على ذلك بقادرين. وقيل: ما أنتم بخازنين له بعد ما أنزلناه في الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزنه فيها لنجعلها سقيا لكم أي معدا لسقي أنفسكم ومواشيكم وأراضيكم مع أن طبيعة الماء تقتضي الغور وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ أي لا قدرة على الإحياء ولا على الإماتة إلا لنا وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (23) أي الباقون بعد فناء الخلق المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك المجازي وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ أي من تقدم منكم ولادة وموتا وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) أي من تأخر ولادة وموتا.
وقال ابن عباس: في رواية عطاء معنى المستقدمين: أهل طاعة الله تعالى. ومعنى المستأخرين: المتخلفون عن طاعة الله تعالى وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ للجزاء إِنَّهُ حَكِيمٌ أي متقن في أفعاله فيأتي بالأفعال على ما ينبغي وعالم بحقائق الأشياء على ما هي عليه عَلِيمٌ (25) أي وسع علمه كل شيء وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ أي آدم مِنْ صَلْصالٍ أي من طين يابس غير مطبوخ يصوت عند نقره مِنْ حَمَإٍ أي كائن من طين متغير أسود بطول مجاورة الماء مَسْنُونٍ (26) أي مصور بصورة الآدمي.
قال المفسرون: خلق الله تعالى آدم عليه السلام من طين فصوره وتركه في الشمس أربعين سنة فصار صلصالا كالخزف، ولا يدري أحد ما يراد به ولم يروا شيئا من الصور يشبهه إلى أن نفخ فيه الروح وَالْجَانَّ وهو أبو الجن والأصح أن الشياطين قسم من الجن فكل من كان منهم مؤمنا فإنه لا يسمى بالشيطان وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا الاسم خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ أي من قبل خلق الإنسان مِنْ نارِ السَّمُومِ (27) أي من نار الحر الشديد النافذ في المسام أو من نار الريح الحارة وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً أي جسما كثيفا يلاقي بخلاف الجن والملائكة
نام کتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد نویسنده : نووي الجاوي، محمد بن عمر جلد : 1 صفحه : 579