نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 268
النفس الواحدة هي نفس آدم الإنسان الكامل الذي أقيم مقام الخلافة, وإنما كانت حواء زوج آدم في هذا المقام؛ لأنها تنزل عنه {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} فهي انبثاق نفسه عنه خارجه ... ثم إنه لما كان آدم أول رسول شريعة من رسل التوحيد, فقد أراد الله له ولزوجه أن يكونا زوجين في الشريعة ... ومن أجل ذلك فقد نهاه أن يتصل بها قبل أن تحلل له بالشريعة. وإلى ذلك الإشارة بقوله: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} ... وقد جاءت هذه الإشارة في سياق هو في غاية الإمتاع والروعة يقول تعالى فيه: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ، فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [1] الآيات ... قوله: {وَيَا آدَمُ} يعني الخليفة يعني الإنسان الكامل {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ} يعني زوجك في الحقيقة "الباطنة" والتي سيتم اقترانك بها في شريعتك "الظاهرة" فتنطبق بذلك الصنيع شريعتك وحقيقتك وظاهرك وباطنك ... ولكن قبل أن يتم هذا الاقتران الشرعي يجب أن لا تقربها وقد وردت الإشارة اللطيفة إلى ذلك بقوله: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} فإنكما إن تفعلا تكونا من {الظَّالِمِينَ} المعتدين على حد الشرع. وهذه إشارة إلى أول الشرائع التي بدأ الإنسان يرتفع بها في مراقي النفوس وجاءت منظمة للغريزة الجنسية ... و {الشَّجَرَةَ} هنا لها درجات من المظاهر: أولها وأدناها لآدم نفسه التي بين جنبيه.. ثم هي في تنزلها عنه شهوة نفسه هذه إلى الجنس ... ثم هي حواء ... ثم هي شجرة التين فإن شجرة التين إنما هي رمز النفس الأمارة.. وإنما نهي عنها لئلا تقوى بأكلها نفسه الحيوانية فتتكثف وتغلظ فلا تطيعه على التصعد باتباع الأمر الشرعي واجتناب النهي الشرعي ... فشجرة التين هي الشجرة المعنية في الظاهر فلما وقع الخلاف بأكلها تلاحقت حلقات السلسلة حتى وقع الخلاف بالمماسة, فتغشى زوجه بغير شريعة "!! " وحلقات هذه السلسلة المتلاحقة طويت في عبارة: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} والإشارة بقوله: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [1] سورة الأعراف: من الآيتين 20 و21.
نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 268