responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 276
تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل: 20] يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: خَفَّفَ عَنْكُمْ، وَكَمَا قَالَ عَقِيبَ ذِكْرِ حُكْمِ قَتْلِ الْخَطَإِ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 92] يَعْنِي تَخْفِيفَهُ; لِأَنَّ قَاتِلَ الْخَطَأ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا تَلْزَمُهُ التوبة منه.
وقوله تعالى: {وَعَفَا عَنْكُمْ} يَحْتَمِلُ أَيْضًا الْعَفْوَ عَنْ الذَّنْبِ الَّذِي اقْتَرَفُوهُ بِخِيَانَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ لَمَّا أَحْدَثُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ عَفَا عَنْهُمْ فِي الْخِيَانَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا التَّوْسِعَةُ وَالتَّسْهِيلُ بِإِبَاحَةِ مَا أَبَاحَ مِنْ ذَلِكَ; لِأَنَّ الْعَفْوَ يُعَبَّرُ بِهِ فِي اللُّغَةِ عَنْ التَّسْهِيلِ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ" يَعْنِي تسهيله وتوسعته.
وقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} إبَاحَةٌ لِلْجِمَاعِ الْمَحْظُورِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ، وَالْمُبَاشَرَةِ هِيَ إلْصَاقِ الْبَشَرَةِ بِالْبَشَرَةِ، وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ; قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمُ: هِيَ الْمُوَاقَعَةُ وَالْجِمَاعُ وَقَالَ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَرَةً: هِيَ إلْصَاقُ الْجِلْدِ بِالْجِلْدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: الْمُبَاشَرَةِ النِّكَاحُ، وَقَالَ مُجَاهِدً: الْجِمَاعُ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلّ: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} .
وقوله: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْوَلَدُ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَالْحَكَمِ مِثْلُهُ، وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} قَالَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} قَالَ: "الرُّخْصَةُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} الْجِمَاعَ، فَقَوْلُهُ: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْجِمَاعِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْرَارِ الْمَعْنَى فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ، وَنَحْنُ مَتَى أَمْكَنَنَا اسْتِعْمَالَ كُلِّ لَفْظِ عَلَى فَائِدَةٍ مُجَدَّدَةٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ بِهَا عَلَى فَائِدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ أَفَادَ قَوْلُهُ: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} إبَاحَةَ الْجِمَاعِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} عَلَى غَيْرِ الْجِمَاعِ.
ثُمَّ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ الْوَلَدَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، أَوْ الرُّخْصَةَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِهَذِهِ الْمَعَانِي وَلَوْلَا احْتِمَالُهُ لَهَا لَمَا تَأَوَّلَهُ السَّلَفُ عَلَيْهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَعَلَى أَنَّ الْكُلَّ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ اللَّفْظُ مُنْتَظِمًا لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ وَلِاتِّبَاعِ رُخْصَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِطَلَبِ الْوَلَدِ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ مَأْجُورًا عَلَى مَا يَقْصِدَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِطَلَبِ الْوَلَدِ عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست