responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 353
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". يُفَسَّرُ تَفْسِيرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ هُوَ الْفَسْخَ بِعَيْنِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُهِلُّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ ثُمَّ يُحِلُّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ. وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ هُوَ الْمُتْعَةَ نَفْسَهُ، وَذَلِكَ أَنْ يُفْرِدَ الرَّجُلُ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يُحِلُّ مِنْهَا بِحَجٍّ مِنْ عَامِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ مُلْبِسٌ غَيْرُ لَائِقٍ بِاللَّفْظِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَجَّ نَائِبٌ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ دَاخِلَةٌ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ الْحَجَّ فَقَدْ كَفَاهُ عَنْ الْعُمْرَةِ، كَمَا تَقُولُ الْوَاحِدُ دَاخِلٌ فِي الْعَشَرَةِ يَعْنِي أَنَّ الْعَشَرَةَ مُغْنِيَةٌ عَنْهُ وَمُوفِيَةٌ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ حُكْمِهِ وَلَا ذِكْرِهِ. وَقَدْ قِيلَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قِصَّةِ إحْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: أَكَانُوا فَرَضُوا الْحَجَّ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُهِلُّوا أَوْ يَنْتَظِرُونَ مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ؟ قَالَ: أَهَلُّوا بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَظَرُوا مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَلِكَ كَانَ إحْرَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدِيًّا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: "لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً" فَكَأَنَّهُ خَرَجَ يَنْتَظِرُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَبِهِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: "أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَهُوَ وَادِي الْعَقِيقِ فَقَالَ: صل في هذا الوادي المبارك وقل حجة فِي عُمْرَةٍ" فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَنْتَظِرُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْوَادِيَ أُمِرَ بِحَجَّةٍ فِي عُمْرَةٍ; ثُمَّ أَهَلَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ بِذَلِكَ، فَجَازَ لَهُمْ مِثْلُهُ، فَلَمَّا أَحْرَمَ مِنْهُمْ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ إحْرَامُهُ صَحِيحًا وَكَانَ مَوْقُوفًا كَمَا كَانَ إحْرَامُ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى مَوْقُوفًا. وَنَزَلَ الْوَحْيُ وَأُمِرُوا بِالْمُتْعَةِ بِأَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَيُحِلُّوا وَيَعْمَلُوا عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَيُحْرِمُوا بِالْحَجِّ، كَمَا يُؤْمَرُ مَنْ يُحْرِمُ بِشَيْءٍ لَا يُسَمِّيهِ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ عُمْرَةً إنْ شَاءَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَتُهُمْ الْحَجَّ تَسْمِيَةً صَحِيحَةً; إذْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِانْتِظَارِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ وَجْهُ الْخُصُوصِ لِأُولَئِكَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَلَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُمْ لَهُ، فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْرَمَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ حُكْمُهُ وَلَيْسَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ.
وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِفَسْخِ الْحَجِّ عَلَى حَالٍ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعًا، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدًا وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجِّ وَعُمْرَةٍ، فَمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا لَمْ يُحِلَّ مِمَّا أَحْرَمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ. وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَحَلَّ مِنْ حَرَمِهِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست