responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 495
آبَائِكُمْ} [النور: 61] فَذَكَرَ بُيُوتَ هَؤُلَاءِ الْأَقْرِبَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْتَ الِابْنِ وَلَا ابْنِ الِابْنِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] قَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: "أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك" فَأَضَافَ إلَيْهِ مِلْكَ الِابْنِ كَمَا أَضَافَ إلَيْهِ بَيْتَ الِابْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَى إضَافَةِ الْبُيُوتِ إلَيْهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بُيُوتَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ، أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَعْلُومًا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ مَالُ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْقَائِلِ: لَا جُنَاحَ عَلَيْك فِي أَكْلِ مَالِ نَفْسِك; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] هِيَ بُيُوتُ الْأَبْنَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ; إذْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا جَمِيعًا كَمَا ذَكَرَ سَائِرَ الْأَقْرِبَاءِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ مُوجِبُو النَّفَقَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: "هِيَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا". وَلِذَلِكَ أَوْجَبُوا النَّفَقَةَ عَلَى الْخَالِ وَالْمِيرَاثَ لِابْنِ الْعَمِّ; لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَالْخَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَذَلِكَ; لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَارِثًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ; لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُدْرَى مَنْ يَرِثُهُ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّبِيُّ يَرِثُ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بِمَوْتِهِ قَبْلَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ يَحْجُبُ مَنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حُصُولَ الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: "النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ، ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَانَ أَوْ غَيْرَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ"، فَيُوجِبُهَا عَلَى ابْنِ الْعَمِّ دُونَ الْخَالِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ وَهِيَ مِمَّنْ يَرِثُهُ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ شَرْطٌ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو تَوْقِيتُ الْحَوْلَيْنِ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرًا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ، أَوْ لِمَا يَلْزَمُ الْأَبَ مِنْ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ; فَلَمَّا قَالَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَوْلَيْنِ: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَا تَقْدِيرًا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ; لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ الْفِصَالُ الَّذِي عَلَّقَهُ بِإِرَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْفِصَالُ مُعَلَّقًا بِتَرَاضِيهِمَا وَتَشَاوُرِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ هُوَ مِنْ جِهَةِ تَوْقِيتِ نِهَايَةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُمَا رَضَاعٌ. وَقَدْ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست