responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 521
لَا يَخْلُو مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْبَدَلِ لَهُ مَعَ وُرُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَفَارَقَ النِّكَاحُ بِهَذَا الْمَعْنَى سَائِرَ الْعُقُودِ; لِأَنَّ عَوْدَ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ يُوجِبُ سُقُوطَ الثَّمَنِ كُلِّهِ، وَسُقُوطُ حَقِّ الزَّوْجِ عَنْ بُضْعِهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ بَدَلٍ مَا وَهُوَ نِصْفُ الْمُسَمَّى، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ تَسْمِيَةٌ، وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا وُرُودُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ، وَالْمُتْعَةُ هِيَ بَعْضُ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَتَجِبُ كَمَا يَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَهْرُ الْمِثْلِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَالْمُتْعَةُ إنَّمَا هِيَ أَثْوَابٌ. قِيلَ لَهُ: الْمُتْعَةُ أَيْضًا عِنْدَنَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لَوْ أَعْطَاهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى غَيْرِهَا. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا بَعْضُ مَهْرِ الْمِثْلِ يَسُوغُ عَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ; لِأَنَّهُ يَقُولُ: "إذَا رَهَنَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَهْنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ مَحْبُوسًا بِهَا، إنْ هَلَكَ هَلَكَ بِهَا" وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَإِنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ; فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا بَعْضَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَكِنَّهُ أَوْجَبَهَا بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَبِالِاسْتِدْلَالِ بِالْأُصُولِ عَلَى أَنَّ الْبُضْعَ لَا يَخْلُو مِنْ بَدَلٍ مَعَ وُرُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِ التَّسْمِيَةِ فِي الْعَقْدِ وَبَيْنَ عَدَمِهَا; إذْ غَيْرُ جَائِزٍ حُصُولُ مِلْكِ الْبُضْعِ لَهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ، فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ كَوُجُوبِ الْمُسَمَّى فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ حُكْمُهُمَا فِي وُجُوبِ بَدَلِ الْبُضْعِ عِنْدَ وُرُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ قَائِمَةً مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَعْضَهُ، كَمَا تَقُومُ الْقِيَمُ مَقَامَ الْمُسْتَهْلَكَاتِ. وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ: "هُوَ مُتْعَتُهَا" فَكَانَتْ الْمُتْعَةُ اسْمًا لِمَا يُسْتَحَقُّ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَكُونُ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا قَامَتْ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ عِوَضٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَالْمَهْرُ لَا يَجِبُ لَهُ عِوَضٌ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ. قِيلَ لَهُ: لَمْ نَقُلْ إنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ، كَمَا لَا نَقُولُ إنَّ قِيَمَ الْمُسْتَهْلَكَاتِ أَبْدَالٌ لَهَا بَلْ كَأَنَّهَا هِيَ حِينَ قَامَتْ مَقَامَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَدَلِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ؟ وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ مُسْتَهْلِكٌ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْهُ; لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنَّهَا هُوَ، عَلَى مَعْنَى الْعِوَضِ; فَكَذَلِكَ الْمُتْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ كَمَا يَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى مِنْ الْبُضْعِ مَعَ الطَّلَاقِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْمُتْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ لَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا بِالْمَرْأَةِ كَمَا يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِحَالِهَا دُونَ حَالِ الزَّوْجِ، فَلَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِبَارَ الْمُتْعَةِ بِحَالِ الرَّجُلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 521
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست