responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 55
وَغُلَامٌ فَرَأَى ثَعْلَبًا فَأَغْرَى بِهِ الْكَلْبَ فَدَخَلَ الثَّعْلَبُ ثُقْبًا فِي تَلٍّ هُنَاكَ وَدَخَلَ الْكَلْبُ خَلْفَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يَدْخُلَ فَدَخَلَ وَانْتَظَرَهُ صَاحِبُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَوَقَفَ مُتَهَيِّئًا لِلدُّخُولِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُل فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِ الثَّعْلَبِ وَالْكَلْبِ وَالْغُلَامِ وَأَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَنَّهُ مُتَأَهِّبٌ لِلدُّخُولِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ إلَى هُنَاكَ، فَمَضَيَا إلَى سِرْبٍ طَوِيلٍ حَتَّى أَفْضَى بِهِمَا إلَى بَيْتٍ قَدْ فُتِحَ لَهُ ضَوْءٌ مِنْ مَوْضِعٍ يُنْزَلُ إلَيْهِ بِمِرْقَاتَيْنِ، فَوَقَفَ بِهِ عَلَى الْمِرْقَاةِ الْأُولَى حَتَّى أَضَاءَ الْبَيْتَ حِينًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: اُنْظُرْ فَنَظَرَ فَإِذَا الْكَلْبُ وَالرَّجُلُ وَالثَّعْلَبُ قَتْلَى، وَإِذَا فِي صَدْرِ الْبَيْتِ رَجُلٌ وَاقِفٌ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَتَرَى هَذَا لَوْ دَخَلَ إلَيْهِ هَذَا الْمَدْخَلَ أَلْفُ رِجْلٍ لَقَتَلَهُمْ كُلَّهُمْ فَقَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ رُتِّبَ وَهُنْدِمَ عَلَى هَيْئَةٍ مَتَى وَضَعَ الْإِنْسَانُ رِجْلَهُ عَلَى الْمِرْقَاةِ الثَّانِيَةِ لِلنُّزُولِ تَقَدَّمَ الرَّجُلُ الْمَعْمُولُ فِي الصَّدْرِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَنْزِلْ إلَيْهِ فَقَالَ: فَكَيْفَ الْحِيلَةُ فِي هَذَا؟ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَحْفِرْ مِنْ خَلْفِهِ سَرَبًا يُفْضِي بِك إلَيْهِ، فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ لَمْ يَتَحَرَّك فَاسْتَأْجَرَ الْجُنْدِيُّ أُجَرَاءَ وَصُنَّاعًا حَتَّى حَفَرُوا سَرَبًا مِنْ خَلْف التَّلِّ فَأَفْضَوْا إلَيْهِ، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ، وَإِذَا رَجُل مَعْمُولٌ مِنْ صُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَدْ أُلْبِسَ السِّلَاحُ وَأُعْطِيَ السَّيْفُ فَقَلَعَهُ، وَرَأَى بَابًا آخَرَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ فَفَتَحَهُ فَإِذَا هُوَ قَبْرٌ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ مَيِّتٍ عَلَى سَرِيرِ هُنَاكَ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَمِنْهَا الصُّوَرُ الَّتِي يُصَوِّرُهَا مُصَوِّرُو الرُّومِ وَالْهِنْدِ حَتَّى لَا يُفَرِّقَ النَّاظِرُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَهَا، وَمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عِلْمٌ أَنَّهَا صُورَةٌ لَا يَشُكُّ فِي أَنَّهَا إنْسَانٌ، وَحَتَّى تَصَوُّرُهَا ضَاحِكَةً أَوْ بَاكِيَةً، وَحَتَّى يُفَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الضَّحِكِ مِنْ الْخَجَلِ وَالسُّرُورِ وَضَحِكِ الشَّامِتِ.
فَهَذِهِ الْوُجُوهُ مِنْ لَطِيفِ أُمُورِ التَّخَايِيلِ وَخَفِيِّهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مِنْ جَلِيِّهَا وَكَانَ سِحْرُ سَحَرَةِ فِرْعَوْن مِنْ هَذَا الضَّرْبِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَيَّنَّا مِنْ حِيَلِهِمْ فِي الْعِصِيِّ وَالْحِبَالِ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ بَابِلَ فِي الْقَدِيمِ وَسِحْرِهِمْ وَوُجُوهِ حِيَلِهِمْ بَعْضُهُ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ وَبَعْضُهُ وَجَدْنَاهُ فِي الْكُتُبِ قَدْ نُقِلَتْ حَدِيثًا مِنْ النَّبَطِيَّةِ إلَى الْعَرَبِيَّةِ، مِنْهَا كِتَابٌ فِي ذِكْرِ سِحْرِهِمْ وَأَصْنَافِهِ وَوُجُوهِهِ، وَكُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ قُرْبَانَاتٍ الْكَوَاكِبِ وَتَعْظِيمِهَا وَخُرَافَاتٍ مَعَهَا لَا تُسَاوِي ذِكْرَهَا وَلَا فَائِدَةَ فِيهَا.
وَضَرْبٌ آخَرُ مِنْ السِّحْرِ: وَهُوَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ حَدِيثِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَطَاعَاتِهِمْ لَهُمْ بِالرُّقَى وَالْعَزَائِمِ. وَيَتَوَصَّلُونَ إلَى مَا يُرِيدُونَ مِنْ ذَلِكَ بِتَقْدِمَةِ أُمُورٍ وَمُوَاطَأَةِ قَوْمٍ قَدْ أَعَدُّوهُمْ لِذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ يَجْرِي أَمْرُ الْكُهَّانِ مِنْ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ أَكْثَرُ مَخَارِيقِ الْحَلَّاجِ مِنْ بَابِ الْمُوَاطَآتِ وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لَا يَحْتَمِلُ اسْتِقْصَاءَ ذَلِكَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست