responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 598
مَنْهِيٌّ عَنْ التَّغْرِيرِ بِمَالِهِ فِي الْبَحْرِ وَفِي الطَّرِيقِ الْمَخُوفَةِ وَلَا يَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ؟ وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا تَرَكَ نَخْلَهُ وَشَجَرَهُ وَزَرْعَهُ لَا يَسْقِيهَا وَتَرَكَ عَقَارَهُ وَدُورَهُ لَا يَعْمُرُهَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتْلَفَ مَالُهُ؟ كَذَلِكَ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي عُقُودِهِ الَّتِي يَخَافُ فِيهَا تَوَى مَالِهِ. وَكَذَلِكَ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْحَجْرِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي التَّبْذِيرِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحَجْرِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، أَنَّ الْعَاقِلَ الْبَالِغَ إذَا ظَهَرَ مِنْهُ سَفَهٌ وَتَبْذِيرٌ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَقَاوِيلِهِمْ مِنْ مُوجِبِي الْحَجْرِ مَا خَلَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بَطَلَ مِنْ عُقُودِهِ وَإِقْرَارِهِ مَا كَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَإِذَا كَانَ جَائِزَ التَّصَرُّفِ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي فَمَعْنَى الْحَجْرِ حِينَئِذٍ أَنِّي قَدْ أَبْطَلْت مَا يَعْقِدُهُ أَوْ مَا يُقِرُّ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ; لِأَنَّ فِيهِ فَسْخَ عَقْدٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: "كُلُّ بَيْعٍ بِعْتنِيهِ وَعَقْدٍ عَاقَدْتَنِيهِ فَقَدْ فَسَخْته" أَوْ "كُلُّ خِيَارٍ بِشَرِيطَةٍ لِي فِي الْبَيْعِ فَقَدْ أَبْطَلْته" أَوْ تَقُولُ امْرَأَةٌ: "كُلُّ أَمْرٍ تَجْعَلُهُ إلَيَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ أَبْطَلْته" فَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْعُقُودِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَمِمَّا يَلْزَمُ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا فِي هَذَا أَنَّهُمَا يُجِيزَانِ تَزْوِيجَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ الْحَجْرِ; لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَجْرُ وَاجِبًا لِئَلَّا يَتْلَفَ مَالُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَصِلُ إلَى إتْلَافِهِ بِالتَّزْوِيجِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمِقْدَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَلْزَمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَتْلَفَ مَالُهُ; فَلَيْسَ إذًا فِي هَذَا الْحَجْرِ احْتِرَازٌ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الشَّافِعِيِّ فِي إينَاسِ الرُّشْدِ وَاسْتِحْقَاقِ دَفْعِ الْمَالِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ، وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يُجِيزَ إقْرَارَاتِ الْفُسَّاقِ عِنْدَ الْحُكَّامِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَنْ لَا يُجِيزَ بُيُوعَهُمْ وَلَا أَشَرْيَتَهُمْ، وَيَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَى بَيْعِ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، وَأَنْ لَا يَقْبَلَ الْقَاضِي مِنْ مُدَّعٍ دَعْوَاهُ حَتَّى تَثْبُتَ عَدَالَتُهُ، وَلَا يَقْبَلَ عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُ جَوَازُ شَهَادَتِهِ; إذْ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إقْرَارُ مَنْ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ الْعَدَالَةِ وَجَوَازُ الشَّهَادَةِ وَلَا عُقُودُهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ; وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ مُنْذُ عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا يَتَخَاصَمُونَ فِي الْحُقُوقِ، فَلَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ: لَا أَقْبَلُ دَعَاوِيَكُمْ وَلَا أَسْأَلُ أَحَدًا عَنْ دَعْوَى غَيْرِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ. وَقَدْ قَالَ الْحَضْرَمِيُّ الَّذِي خَاصَمَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهُ رَجُلٌ فَاجِرٌ بِحَضْرَتِهِ، وَلَمْ يُبْطِلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُصُومَتَهُ وَلَا سَأَلَ عَنْ حَالِهِ; وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الحضرمي،

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست