responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 600
قَوْله تَعَالَى: "وَاسْتَشْهِدُوا رَجُلَيْنِ مِنْ الْأَحْرَارِ" فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ إسْقَاطُ شَرْطِ الْحُرِّيَّةِ; لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ إسْقَاطُ الْعَدَدِ; وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَضَمَّنَتْ بُطْلَانَ شَهَادَةِ الْعَبِيدِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شَهَادَةِ الْعَبِيدِ، فَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "شَهَادَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ عَلَى الْعَبْدِ جَائِزَةٌ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِيمَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْت قَتَادَةَ يُحَدِّثُ "أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَسْتَثْبِتُ الصِّبْيَانَ [1] فِي الشَّهَادَةِ" وَهَذَا يُوهِنُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ. وَرَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "مَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ". وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ". وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ كَانَ يَرَاهَا جَائِزَةً، يَأْثَرُ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ، وَظَهَرَتْ الْخَوَارِجُ عَلَى الْكُوفَةِ وَهُوَ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بِهَا، فَأَمَرُوهُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبِيدِ وَبِأَشْيَاءَ ذَكَرُوهَا لَهُ مِنْ آرَائِهِمْ كَانَ عَلَى خِلَافِهَا، فَأَجَابَهُمْ إلَى امْتِثَالِهَا فَأَقَرُّوهُ عَلَى الْقَضَاءِ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ; وَلَمَّا جَاءَتْ الدَّوْلَةُ الْهَاشِمِيَّةُ رَدُّوهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: "قَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَمْلُوكِ جَائِزَةٌ بَعْدَ الْعِتْقِ إذَا لَمْ تَكُنْ رُدَّتْ قَبْلَ ذَلِكَ". وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةَ قَالَ: "كَانَ إبْرَاهِيمُ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْمَمْلُوكِ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ". وَرَوَى شُعْبَةُ أَيْضًا عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ. وَرُوِيَ عَنْ حَفْصٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ". وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَابْنُ شُبْرُمَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَمَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ فِي شَيْءٍ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ، وَمِمَّا يَدُلُّ مِنْ الْآيَةِ عَلَى نَفْيِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا دُعِيَ فَلْيَشْهَدْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ قَدْ أَشْهَدَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وَاجِبٌ فِي الْحَالَيْنِ. وَالْعَبْدُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْإِجَابَةِ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَخِدْمَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْإِجَابَةَ، فَدَلَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالشَّهَادَةِ; أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْ خِدْمَةِ مَوْلَاهُ بِقِرَاءَةِ الْكِتَابِ وَإِمْلَائِهِ وَالشَّهَادَةِ؟ وَلَمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي خِطَابِ الْحَجِّ وَالْجُمُعَةِ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ; إذْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُتَعَيِّنَةٍ على الشهداء وإنما

[1] قوله "يستثبت الصبيان" أي يسألهم ويستعلم منهم فليس المراد استشهادهم ولذلك قال المصنف وهذا يوهن الحديث الأول "لمصححه".
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 600
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست