responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 603
الْمُدَايَنَاتِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الصَّبِيُّ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَجُوزُ; وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً} لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ فَيَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ. ثُمَّ قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَلَيْسَ الصِّبْيَانُ مِنْ رِجَالِنَا; وَلَمَّا كَانَ ابْتِدَاءُ الْخِطَابِ بِذِكْرِ الْبَالِغِينَ كَانَ قَوْلُهُ: {مِنْ رِجَالِكُمْ} عَائِدًا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَوْلُهُ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يَمْنَعُ أَيْضًا جَوَازَ شَهَادَةِ الصَّبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} هُوَ نَهْيٌ وَلِلصَّبِيِّ أَنْ يَأْبَى مِنْ إقَامَةِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إحْضَارُهُ لَهَا. ثُمَّ قَوْلُهُ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلصِّغَارِ فَلَا يَلْحَقُهُمْ الْمَأْثَمُ بِكِتْمَانِهَا، وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَمَانٌ بِالرُّجُوعِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ عِنْدَ الرُّجُوعِ. وَأَمَّا إجَازَةُ شَهَادَتِهِمْ فِي الْجِرَاحِ خَاصَّةً وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيَجِيئُوا، فَإِنَّهُ تَحَكُّمٌ بِلَا دَلَالَةٍ وَتَفْرِقَةٌ بَيْنَ مَنْ لَا فَرْقَ فِيهِ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ; لِأَنَّ فِي الْأُصُولِ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي الْجِرَاحِ فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي غَيْرِهَا. وَأَمَّا اعْتِبَارُ حَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيَجِيئُوا فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ هُمْ الْجُنَاةُ وَيَكُونَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ الْخَوْفُ مِنْ أَنْ يُؤَاخَذُوا بِهِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ عَادَةِ الصِّبْيَانِ إذَا كَانَ مِنْهُمْ جِنَايَةٌ أَحَالَتْهُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُؤَاخَذَ بِهَا. وَأَيْضًا لَمَّا شَرَطَ اللَّهُ فِي الشَّهَادَةِ الْعَدَالَةَ وَأَوْعَدَ شَاهِدَ الزُّورِ مَا أَوْعَدَهُ بِهِ وَمَنَعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفُسَّاقِ وَمَنْ لَا يَزَعُ عَنْ الْكَذِبِ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الشَّهَادَةِ، فَكَيْفَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ هُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِكَذِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَاجِزٌ عَنْ الْكَذِبِ وَلَا حَيَاءٌ يَرْدَعُهُ وَلَا مُرُوءَةٌ تَمْنَعُهُ؟ وَقَدْ يَضْرِبُ النَّاسُ الْمَثَلَ بِكَذِبِ الصِّبْيَانِ فَيَقُولُونَ: "هَذَا أَكْذَبُ مِنْ صَبِيٍّ" فَكَيْفَ يَجُوزُ قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ هَذَا حَالُهُ؟ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ حَالُهُمْ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَقَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ دُونَ تَلْقِينِ غَيْرِهِ; فَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ظَنَّ لِأَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُمْ وَهُمْ يَعْرِفُونَ الْكَذِبَ كَمَا يَعْرِفُونَ الصِّدْقَ إذَا كَانُوا قَدْ بَلَغُوا الْحَدَّ الَّذِي يَقُومُونَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ وَالْعِبَارَةِ عَمَّا شَهِدُوا; وَقَدْ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ لِأَسْبَابٍ عَارِضَةٍ، مِنْهَا: خَوْفِهِمْ مِنْ أَنْ تُنْسَبَ إلَيْهِمْ الْجِنَايَةُ، أَوْ قَصْدًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْمَكْرُوهِ، وَمَعَانِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعْلُومَةٌ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ لَهُمْ بِصِدْقِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا، كَمَا لَا يَحْكُمُ لَهُمْ بِذَلِكَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ. وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ الْعِلْمُ حَاصِلًا بِأَنَّهُمْ لَا يَكْذِبُونَ وَلَا يَتَعَمَّدُونَ لِشَهَادَةِ الزُّورِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْإِنَاثِ كَمَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الذُّكُورِ، وَتُقْبَلَ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ كَمَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْجَمَاعَةِ; فَإِذَا اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ فِي ذَلِكَ وَمَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ اخْتِصَاصِهَا فِي الْجِرَاحِ بِالذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، فَوَاجِبٌ أَنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 603
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست