responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 646
لِلرَّاهِنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِنْ صِفَاتِ الرَّهْنِ الْقَبْضَ كَمَا جَعَلَ مِنْ صِفَاتِ الشَّهَادَةِ الْعَدَالَةَ بِقَوْلِهِ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ زَوَالَ هَذِهِ الصِّفَةِ عَنْ الشَّهَادَةِ يَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ; فَكَذَلِكَ لَمَّا جَعَلَ مِنْ صِفَاتِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا بِقَوْلِهِ: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وَجَبَ إبْطَالُ الرَّهْنِ لِعَدَمِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْقَبْضِ، فَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْتَحِقًّا لِلْقَبْضِ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ الرَّهْنُ لَمَنَعَ ذَلِكَ إلَى يَدِهِ. وَأَيْضًا لِمُقَارَنَةِ مَا يُبْطِلُهُ، وَلَوْ صَحَّ بَدِيًّا لَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِاسْتِحْقَاقِ قَبْضِهِ وُجُوبُ رَدِّهِ إلَى يَدِهِ. وَأَيْضًا لَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ، وَالْوَطْءُ مِنْ مَنَافِعِهَا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ سَائِرِ الْمَنَافِعِ فِي بُطْلَانِ حَقِّ الرَّاهِنِ فِيهَا. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَطْءَ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَحِقُّ ثُبُوتَ يَدِهِ عَلَيْهَا، كَذَلِكَ الِاسْتِخْدَامُ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ شَرَطَ مِلْكَ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: "إذَا رَهَنَهُ رَهْنًا وَقَالَ إنْ جِئْتُك بِالْمَالِ إلَى شَهْرٍ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ، فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ" وَقَالَ مَالِكٌ: الرَّهْنُ فَاسِدٌ وَيَنْقَضِ، فَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَهُ بِحَقِّهِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ فِي يَدِهِ لَمْ يُرَدَّ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ; وَهَذَا فِي السِّلَعِ وَالْحَيَوَانِ وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا إلَى الرَّاهِنِ وَإِنْ تَطَاوَلَ إلَّا أَنْ تَنْهَدِمَ الدَّارُ أَوْ يُبْنَى فِيهَا أَوْ يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ، فَهَذَا فَوْتٌ وَيُغْرَمُ الْقِيمَةُ مِثْلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَقَالَ الْمُعَافَى عَنْ الثَّوْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَرْهَنُ صَاحِبَهُ الْمَتَاعَ وَيَقُولُ: إنْ لَمْ آتِك فَهُوَ لَك، قَالَ: "لَا يَغْلَقُ ذَلِكَ الرَّهْنُ" وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: لَيْسَ قَوْلُهُ هَذَا بِشَيْءٍ. وَقَالَ الرَّبِيعُ عَنْ الشَّافِعِيِّ: لَوْ رَهَنَهُ وَشَرَطَ لَهُ إنْ لَمْ يَأْتِهِ بِالْحَقِّ إلَى كَذَا فَالرَّهْنُ لَهُ بَيْعٌ، فَالرَّهْنُ فَاسِدٌ وَالرَّهْنُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الرَّهْنِ وَفَسَادِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّ قَوْلَهُ: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالدَّيْنِ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ لِلشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَاهُ، فَإِنَّمَا نَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلْقَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْفِ صِحَّةَ الرَّهْنِ الَّذِي شَرَطَاهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ. وَهُوَ أَيْضًا قِيَاسُ الْعُمْرَى الَّتِي أَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا الشَّرْطَ وَأَجَازَ الْهِبَةَ; وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ بِالْعَقْدِ دُونَ الْقَبْضِ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: "إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 646
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست