responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 77
الْكَعْبَةِ غَيْرَ مُنْحَرِفٍ عَنْهَا، وَصَلَاةُ الْجَمِيعِ جَائِزَةٌ; إذْ لَمْ يُكَلَّفْ غَيْرَهَا، فَكَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ فِي السَّفَرِ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ إذْ لَمْ يُكَلَّفْ غَيْرَهَا وَمَنْ أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ فَإِنَّمَا يُلْزِمُهُ فَرْضًا آخَرَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إلْزَامَهُ فَرْضًا بِغَيْرِ دَلَالَةٍ; فَإِنْ أَلْزَمُونَا عَلَيْهِ بِالثَّوْبِ يُصَلَّى فِيهِ ثُمَّ تُعْلَمُ نَجَاسَتُهُ أَوْ الْمَاءِ يُتَطَهَّرُ بِهِ ثُمَّ يُعْلَمُ أَنَّهُ نَجِسٌ. قِيلَ لَهُمْ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ، وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَاهُ بَعْدَ الْعِلْمِ فَرْضًا آخَرَ بِدَلَالَةِ قَامَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ عَلَى إلْزَامِ الْمُجْتَهِدِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَرْضًا آخَرَ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهِيَ صَلَاةُ النَّفْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بِهِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، فَلَمَّا جَازَتْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِذَا صَلَّى الْفَرْضَ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا عَلَى مَا كُلِّفَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّبَيُّنِ غَيْرُهَا وَلَمَّا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَمْ تَجُزْ الطَّهَارَةُ بِمَاءِ نَجِسٍ بِحَالٍ، لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ; لِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي تَوَجَّهَ إلَيْهَا قَدْ قَامَتْ لَهُ مَقَامَ الْقِبْلَةِ كَالتَّيَمُّمِ قَائِمٌ مَقَامَ الْوُضُوءِ، وَلَمْ يُوجَدْ لِلْمُصَلِّي فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ وَالْمُتَطَهِّرِ بِمَاءٍ نَجِسٍ مَا يَقُومُ مَقَامَ الطَّهَارَةَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا مَاءٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ مَسْأَلَتُنَا صَلَاةُ الْخَائِفِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَيُبْنَى عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا جِهَةٌ لَمْ يُكَلَّفْ غَيْرَهَا فِي الْحَالِ. وَالثَّانِي: قِيَامُ هَذِهِ الْجِهَةِ مَقَامَ الْقِبْلَةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَالْمُتَيَمِّمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الصَّلَاةُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ مِقْدَارَ مِسَاحَةِ الْكَعْبَةِ لَا يَتَّسِعُ لِصَلَاةِ النَّاسِ الْغَائِبِينَ عَنْهَا حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصَلِّيًا لِمُحَاذَاتِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَامِعَ مِسَاحَتُهُ أَضْعَافُ مِسَاحَةِ الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ جَمِيعُ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ مُحَاذِيًا لِسَمْتِهَا وَقَدْ أُجِيزَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ؟ فَثَبَتَ أَنَّهُمْ إنَّمَا كُلِّفُوا التَّوَجُّهَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هِيَ فِي ظَنِّهِمْ أَنَّهَا مُحَاذِيَةُ الْكَعْبَةِ، لَا مُحَاذَاتُهَا بِعَيْنِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ جِهَةٍ قَدْ أُقِيمَتْ مَقَامَ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي حَالِ الْعُذْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا جَازَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْتُ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُحَاذِي لِلْكَعْبَةِ دُونَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الثَّانِي تَوَجُّهُهُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ، فَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا، مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا، قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ هَذَا الِاعْتِبَارُ سَائِغًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ أَنْ لَا تُجِيزَ صَلَاةَ الْجَمِيعِ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُحَاذَاةُ الْكَعْبَةِ مِقْدَارَ عِشْرِينَ ذِرَاعًا إذَا كَانَ مُسَامِتَهَا، ثُمَّ قَدْ رَأَيْنَا أَهْلَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ قَدْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الَّذِينَ حَاذَوْهَا هُمْ الْقَلِيلُ الَّذِينَ يَقْصُرُ عَدَدُهُمْ عَنْ النِّسْبَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِقِلَّتِهِمْ، وَجَائِزٌ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحَاذِي الْكَعْبَةَ حِينَ لَمْ يُغَادِرْهَا ثُمَّ أَجْزَأَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ،

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست