كالسَّماك تسبح. والحديث يدل على ان "السماء موج مكفوف" [1] وتحقيق هذا المذهب الحق في ست مقدمات.
الأولى: انه قد ثبت فنّا وحكمة ان الفضاء الوسيع مملوء من الأثير.
والثانية: ان رابطة قوانين الأجرام العلوية وناشر قوى أمثال الضياء والحرارة وناقلها مادة موجودة في الفضاء مالئة له.
والثالثة: ان مادة الأثير مع بقائها اثيراً لها كسائر المواد تشكلات مختلفة وتنوعات متغايرة كتشكل البخار والماء والجمد.
والرابعة: انه لو أمعن النظر في الاجرام العلوية يُرى في طبقاتها تخالف. ألا ترى ان نهر السماء المسمى بـ "كَهْكَشان" [2] المرئيّ في صورة لطخة سحابية انما هو ملايينَ نجومٍ أخذت في الانعقاد. فصورةُ الأثير التي تنعقد تلك النجوم فيها تخالف طبقة الثوابت البتة، وهي أيضاً تخالف طبقات المنظومة الشمسية بالحدس الصادق وهكذا الى سبع منظومات.
والخامسة: انه قد ثبت حدسا واستقراء انه اذا وقع التشكيل والتنظيم والتسوية في مادة تتولد منها طبقات مختلفة كالمعدن يتولد منه الرماد والفحم والألماس.. وكالنار تتميز جمراً ولهبا ودخانا، وكمزج مولّد الماء مع مولّد الحموضة [3] يتشكل منه ماء وجمد وبخار.
والسادسة: ان هذه الامارات تدل على تعدد السموات. والشارع الصادق قال هي سبعة، فهي سبعة على ان السبع والسبعين والسبع مائة في أساليب العرب لمعنى الكثرة.
والحاصل: ان الصانع جل جلاله خلق من "مادة الأثير" سبع سموات فسوّاها ونظّمها بنظام عجيب دقيق وزرع فيها النجوم وخالف بين طبقاتها. [1] جزء من حديث اخرجه الامام احمد في مسنده (2/370) والترمذي برقم (3298) وفي تحفة الاحوذي برقم (3352) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وعزاه صاحب التحفة لاحمد وابن ابي حاتم والبزار وفي مجمع الزوائد (8/ 132) جزء من حديث رواه الطبراني في الاوسط، وفيه ابو جعفر الرازي، وثّقه ابو حاتم وغيره وضعّفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات، وانظر فيه كذلك (7/121) وتفسير ابن كثير - سورة الحديد. [2] درب التبانة. [3] الهيدروجين والاوكسجين.