المبحث الثالث:
ان (الم) إشارة إلى نهاية الايجاز، الذي هو ثاني أساسَي الاعجاز.
وفيه لطائف:
منها: ان (الم) يرمز ويشير ويومئ ويُلَوِّح ويلَمِّح بالقياس التمثيلي المتسلسل الى: "ان هذا كلام الله الأزلي نزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام". لانه كما ان الاحكام المفصلة في مجموع القرآن قد ترتسم في سورة طويلة إجمالا؛ وقد تتمثل سورة طويلة في قصيرة إشارة؛ وقد تندرج سورة قصيرة في آية رمزاً؛ وقد تندمج آية في كلام واحد تلويحاً؛ وقد يتداخل كلام في كلمة تلميحاً، وقد تتراءى تلك الكلمة الجامعة في حروف مقطعة، كـ "سين لام ميم".. كالقرآن في البقرة، والبقرة في الفاتحة، والفاتحة في "بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيْم" و "بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيْم" في البسملة المنحوتة [1]؛ كذلك يجوز ذلك في (الم) أيضا.
فبالاستناد الى هذا القياس التمثيلي المتسلسل، وباشارة (ذلك الكتاب) يتجلى من (الم) : "هذا كلام الله الأزلي نزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام".
ومنها: ان الحروف المقطعة كالشفرة الإلهية أبرقها الى رسوله الذي عنده مفتاحها. ولم يتطاول يدُ فكر البشر اليه بعد.
ومنها: ان (الم) اشارة الى شدة ذكاوة المنزَل عليه رمزاً الى ان الرمز له كالتصريح. 2
ومنها: ان التقطيع اشارة الى ان قيمة الحروف ليست في معانيها فقط بل بينها مناسبات فطرية كمناسبة الاعداد، كشَفَها علم أسرار الحروف.
ومنها: ان (الم) خاصة، اشارة بالتقطيع الى المخارج الثلاثة من الحلق والوسط والشفة، وترمز تلك الاشارة الى إجبار الذهن للدقة، وشق حجاب الأُلفة؛ ليلجأ الى مطالعة عجائب ألوان نقش خلقة الحروف. [1] المقصود: النحت اللغوى.
2 اى لكمال ذكائه يفهم ماهو رمز وايماء وامر خفى، كالصريح (ت: 35)