ماتهتم بالغلاف إلاّ لأجل مافيه.. وايضا اذا افهمتك قوةُ البنية في شخص وصحة أعضائه واستعداده، استمرار بقائه وتكمله؛ أفلا تفهّمك الحقيقةُ الثابتة الجارية في روح الكائنات، والقوةُ الكاملة المومية بالاستمرار في الانتظام، والكمال المنجر الى التكمل في النظام: مجئ السعادة الابدية من باب الحشر الجسماني؟ اذ هي المخلصة للانتظام عن الاختلال، والواسطة للتكمل وانكشاف تلك القوة المؤبدة.
واما البرهان الخامس والحدس المرمز الى القصد: فهو ان وجود نوع قيامات مكررة نوعية في كثير من الانواع يشير الى القيامة العظمى وان شئت تمثُلَ الرمزِ في مثال، فانظر في ساعتك الاسبوعية، فكما ان فيها دواليب مختلفة دوارة متحركة محركة للابر والاَمْيال العادّة واحدة منها للثواني. وهي مقدمة ومخبرة لحركة ابرة الدقائق. وهي مُعدّة ومُعلنة لحركة ميل الساعات. وهي محصلة ومؤذنة لحركة الابرة التي تعد ايام الاسبوع. فاتمام دورة السابقة يشير بأن اختها اللاحقة تتم دورها؛ كذلك ان لله تعالى ساعةً كبرى دواليبُها الافلاكُ تعدّ أميالها الايام والسنين وعمر البشر وبقاء الدنيا، نظير الثواني والدقائق والساعات والايام في ساعتك. فمجئ الصبح بعد كل ليلة، والربيع بعد كل شتاء - بناء على حركة تلك الساعة - يشير اشارة خفية ويرمز رمزا دقيقا بتولد صبح ربيع الحشر من تلك الساعة الكبرى.
ان قلت: القيامة النوعية لاتحشر الاشخاص باعيانهم فكيف ترمز بالقيامة الكبرى لعود الاشخاص هناك باعيانهم؟
قيل لك: ان شخص الانسان كنوع غيره، اذ نور الفكر اعطى لآمال البشر وروحه وُسْعة وانبساطاً بدرجة وسِعَت الازمنة الثلاثة، لو ابتلع الماضي والمستقبل مع الحال لم تمتلء آماله؛ لان نور الفكر صيّر ماهيته علوية، وقيمته عمومية، ونظره كلياً، وكماله غير محصور، ولذته دائمية، وألمه مستمراً. اما فرد النوع الآخر فماهيته جزئية، وقيمته شخصية، ونظره محدود، وكماله محصور، ولذته آنية، وألمه دفعيّ، فوجود نوع قيامة في الانواع، كيف لايشير بالقيامة الشخصية العمومية للانسان؟
واما البرهان السادس الملوّح: فهو عدم تناهي استعدادات البشر. نعم ان تصورات البشر وافكاره التي لاتتناهى، المتولدة من آماله الغير المتناهية، الحاصلة من