ان قلت: ان القرآن من الضروريات وقد اُختلف في معانيه؟
قيل لك: ان في كل كلام من القرآن ثلاث قضايا:
احداها: "هذا كلام الله".
والثانية: "معناه المراد حق"؛ وانكار كلٍّ من هاتين كفر.
والثالثة: "معناه المراد هذا"؛ فان كان مُحْكَماً أو مفسراً فالايمان به واجب بعد الاطلاع، والانكار كفر. وان كان ظاهراً، او نصاً يحتمل معنى آخر، فالانكار بناء على التأويل - دون التشهّي - ليس بكفر [1]. ومثل الآية الحديث المتواتر؛ الا ان في انكار القضية الاولى من الحديث تأملا. 2
ان قلت: الكفر جهل وفي التنزيل (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ اَبْنَاءهُمْ) [3] فما التوفيق؟
قيل لك: ان الكفر قسمان:
جهليّ ينكِر لأنه لا يعلم. والثاني جحودي تمردي يعرف لكن لايقبل، يتيقّن لكن لايعتقد، يصدِّق لكن لايذعن وجدانُه. فتأمل!..
ان قلت: هل في قلب الشيطان معرفة؟
قيل لك: لا، اذ بحكم صنعته الفطرية يشتغل قلبُه دائما بالاضلال ويتصور عقلُه دائماً الكفر للتلقين فلا ينقطع هذا الشغل، ولا يزول ذلك التصور عن عقله حتى تتمكن فيه المعرفة.
- ان قلت: الكفر صفة القلب فكيف كان شدّ الزُنّار - وقد قيس عليه "الشَّوْقَة" [4] - كفراً؟
قيل لك: ان الشريعة تعتبر بالامارات على الامور الخفية حتى اقامت الاسباب الظاهرية [5] مقام العلل. ففي شد الزُنَّار المانع بعضُ نوعه عن اتمام الركوع، وإلباس [1] واختلاف المفسرين ليس الاّ في هذا القسم (ت: 73)
2 اى ثبوت صحته وتواتره (ت: 73) [3] سورة البقرة: 146 [4] القبعة. [5] التى هى ليست عللاً (ت: 74)