وهذا الوصف للأمثال إنما ينطبق على أمثال القرآن الكريم، وصالح لنوعي المثل فيه، ما كان منها تشبيهياً أو أنموذجياً؛ أما أمثال الناس، فمنها ما يكون كما قال، ومنها ما يعتريه كلل أو علل.
ومما ورد في بيان أهمية المثال التشبيهي قول بعضهم: "تشبيه التمثيل أبلغ من غيره، لما في وجهه من التفصيل الذي يحتاج إلى إمعان فكر، وتدقيق نظر، وهو أعظم أثراً في المعاني، يرفع قدرها، ويضاعف قواها في تحريك النفوس لها، فإِن كان مدحاً كان أوقع، أو ذماً كان أوجع، أو برهاناً كان أسطع، ومن ثم يحتاج إلى كد الذهن في فهمه"[1].
قوله: "يحتاج إلى كد الذهن في فهمه": هذا من خصائص الأمثال القياسية:
التشبيهية والأنموذجية، فهي تحتاج إلى نظر واستنباط علمي، قال اللَّه تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} [2].
والمراد بقوله تعالى: "وما يعقلها": أي يتدبرها تدبراً يؤدي إلى الفهم عن اللَّه مراده، والانتفاع به في فهم حقائق الأشياء والعمل [1] جواهر البلاغة، أحمد الهاشمي، ص (265) ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، تاريخ: بدون. [2] سورة العنكبوت الآية رقم (43) .