الوجه الرابع:
في الدلالة على أهمية الأمثال المستفاد من قوله: {لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ} وقوله: {لّعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ} وذلك أنها بينت العلة التي من أجلها ضرب اللَّه الأمثال للناس وصرَّفها لهم في كتابه العزيز، وهي: رجاء تفكرهم، وتعقلهم لها ثم تذكرهم بمعرفة الحق الذي ضربت له والانتفاع به.
فالأمثال تسهل للناس التفكر، والتعقل، والتذكر بما تشتمل عليه من مقايسة الأمور وإلحاق النظير بنظيره، والمساواة بين المتشابهات في الأحكام، وتوضح الغامض أو المجهول بالمعلوم المحسوس أو المعقول، وهذا هو الاعتبار المؤدي إلى استخلاص العبر والحكم مما ورد في الكتاب الكريم من الأمثال بمختلف أنواعها.
قال صلى الله عليه سلم: "إن هذا القرآن ينزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف، حلال وحرام، وأمر وزجر، وضرب أمثال، ومحكم ومتشابه، فأحلَّ حلال اللَّه وحرّمْ حرامه، وافعلْ ما أمر اللَّه، وانتهِ عما نهى اللَّه عنه، واعتبرْ بأمثاله، واعملْ بمحكمه، وآمنْ بمتشابهه، وقل: {كُلّ مّنْ عِندِ رَبّنَا وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} 1"[2].
1 سورة آل عمران الآية رقم (7) . [2] رواه ابن الجوزي في فنون الأفنان ص (202) ، تحقيق: د. حسن ضياء الدين عتر، ورواه ابن حبان في صحيحه، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، (3/20، 22) والحاكم في المستدرك (1/553) ، وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وانظر تصحيح هذا الحديث في تعليق د. فاروق حماده على فضائل القرآن للنسائي ص (53) .