وإنما سمى اللَّه تعالى تلك الأوصاف التي وصفوا بها النبي صلى الله عليه وسلم أمثالاً باعتبار أنهم مثَّلوه في أنفسهم، ثم وصفه كل منهم بما يوافق ما مثّله به.
فالذي وصفه بأنه شاعر، اشتبه عليه حاله وما يأتي به من الوحي المطهر الفصيح المؤثر بحال الشاعر، فتماثل حاله مع حال الشاعر عنده، فوصفه بأنه شاعر، فالدافع إلى الوصف في الأصل هو اشتباه التماثل، وكذلك مَن وصفه بأنه ساحر أو مجنون، اشتبه عنده حاله بحال أولئك فمثَّله بهم، ثم وصفه بتلك الأوصاف.
فالتعبير بلفظ "الأمثال" لما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم يُشير إلى أصل الوصف، وهو التمثيل والمشابهة التي قامت في قلوبهم قبل أن يصفوه.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية[1] - رحمه اللَّه -: "ولك أن تقول: إخبار بمثل صورة المخُبَر في النفس، فهو ضرب مثل لأن المتكلم جمع مثلاً في نفسه ونفس المستمع بالخبر المطابق للمخبَر، فيكون المثل هو القول، وهو الوصف، كقوله تعالى: [1] الإمام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، الدمشقي، ولد سنة 661هـ، كان مجاهداً بيده ولسانه، تصانيفه الكثيرة تدل على قوة فهمه، وسعة علمه، وتمسكه بالكتاب والسنة، ونهج السلف الصالح، ومن أشهرها: منهاج السنة، ودرء تعارض العقل والنقل، واقتضاء الصراط المستقيم، وجمعت فتاويه في مجموع ضخم، انظر: البداية والنهاية، (14/141) ، وشذرات الذهب، (8/142) ، وذيل طبقات الحنابلة (2/387) .