responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البرهان في علوم القرآن نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 125
النَّفْسِ الْأُولَى وَهِيَ الشَّفَاعَةُ لِغَيْرِهَا
فَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرَ الشَّفَاعَةِ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ أَخْبَرَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِلْمَشْفُوعِ احْتِقَارًا لَهُ وَعَدَمَ الِاحْتِفَاءِ بِهِ وَهَذَا الْخَبَرُ يَكُونُ بَاعِثًا لِلسَّامِعِ فِي تَرْكِ الشَّفَاعَةِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ لَا يَقْبَلُ شَفَاعَتَهُ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شفاعة} لو شَفَعَتْ يَعْنِي وَهُمْ لَا يَشْفَعُونَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُؤَيِّسًا لَهُمْ فِيمَا زَعَمُوا أَنَّ آبَاءَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَنْفَعُونَهُمْ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ مِنْهُمْ
وَقَوْلُهُ: {وَلَا يؤخذ منها عدل} إِنْ جَعَلْنَا الضَّمِيرَ فِي: {مِنْهَا} رَاجِعًا إِلَى الشَّافِعِ أَيْضًا فَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّ الشَّافِعَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ شَيْئًا لِيَكُونَ مُؤَكِّدًا لِقَبُولِ شَفَاعَتِهِ فَمِنْ هَذَا قَدَّمَ ذِكْرَ الشَّفَاعَةِ عَلَى دَفْعِ الْعَدْلِ وَإِنْ جَعْلَنَا الضَّمِيرَ رَاجِعًا إِلَى الْمَشْفُوعِ فِيهِ فَهُوَ أَحْرَى بِالتَّأْخِيرِ لِيَكُونَ الشَّافِعُ قَدْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ شَفَاعَتَهُ قَدْ قُبِلَتْ فَتَقْدِيمُ الْعَدْلِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُؤَسِّسًا لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّفَاعَةِ وَهُوَ ثَمَرَتُهَا لِلْمَشْفُوعِ فِيهِ
وَأَمَّا الْآيَةَ الثَّانِيَةُ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ {مِنْهَا عَدْلٌ} رَاجِعٌ إِلَى النَّفْسِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ النَّفْسُ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْجَرِيمَةِ فَلَا يُقْبَلُ منها عدل لأن العادة بَذْلَ الْعَدْلِ مِنْ صَاحِبِ الْجَرِيمَةِ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الشَّفَاعَةِ فِيهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ تَقْدِيمَ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْفِدْيَةُ مِنَ الْمَشْفُوعِ لَهُ عَلَى الشَّفَاعَةِ
فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ أَنَّ النَّفْسَ الْمَطْلُوبَةَ بِجُرْمِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ عَنْ نَفْسِهَا ولا تنفعها شفاعة شافع فيها وقد بَذْلَ الْعَدْلِ لِلْحَاجَةِ إِلَى الشَّفَاعَةِ عِنْدَ مَنْ طُلِبَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُولَى {ولا يقبل منها شفاعة} وفي الثانية: {ولا تنفعها شفاعة} لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع وتنفع المشفوع له

نام کتاب : البرهان في علوم القرآن نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست