responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 196
مفاجأة عنيفة تنقل تصوراتها نقلة بعيدة، ولكنها بسبب ما هي فيه أيضًا: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} إنها انتفاضة العذراء المذعورة يفجؤها رجل في خلوتها، فتلجأ إلى استثارة التقوى في نفسه: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} .
ولئن كنا نحن نعلم أنه "الروح الأمين"، فإنها هي لا تعلم إلا أنه رجل. وهنا يتمثل الخيال تلك الفتاة الطيبة البريئة، ذات التقاليد العائلية الصالحة، وقد تربت تربية دينية وكفلها "زكريا" بعد أن نذرت لله جنينًا ... هذه هي الهزة الأولى.
{قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} .
تم ليتمثل الخيال مرة اخرى مقدار الفزع والخجل، وهذا الرجل الغريب -الذي لم تثق بعد بأنه رسول ربها، فقد تكون حيلة فاتك يستغل طيبتها- يصارحها بما يخدش سمع الفتاة الخجول، وهو أنه يريد أن يهب لها غلامًا. وهما في خلوة وحدهما.
وهذه هي الهزة الثانية.
ثم تدركها شجاعة الأنثى تدافع عن عرضها:
{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} .
هكذا. صراحة، وبالألفاظ المكشوفة. فهي والرجل في خلوة، والغرض من مباغتته لها قد صار مكشوفًا -فما تعرف هي بعد كيف يهب لها غلامًا، وما يخفف من روع الموقف أن يقول لها: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} فقد تكون هذه خدعة فاتك كما قلنا -فالحياء إذن ليس يجدي، والصراحة هنا أولى.

نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست