نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 201
{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} وهو تعبير مصور لهيئة معروفة: هيئة المتفزع المتلفت المتوقع للشر في كل حركة. وتلك سمة العصبيين أيضًا.
ومع هذا، ومع أنه قد وعد بأنه لن يكون ظهيرًا للمجرمين.
فلننظر ما يصنع. إنه ينظر {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} مرة أخرى على رجل آخر، {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} ولكنه يهم بالرجل الآخر كما هم بالأمس، وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه وخوفه وترقبه، لولا أن يذكره من يهم به بفعلته، فيتذكر ويخشى:
{فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} .
وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة يسعى، فيرحل عنها كما علمنا.
فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات، فلعله قد هدأ وصار رجلا هادئ الطبع حليم النفس.
كلا! فها هو ذا ينادي من جانب الطور الأيمن: أن ألق عصاك، فألقاها فإذا هي حية تسعى. وما يكاد يراها حتى يثب جريًا، لا يعقب ولا يلوي. إنه الفتى العصبي نفسه ولو أنه قد صار رجلا؛ فغيره كان يخاف نعم، ولكن لعله كان يبتعد منها، ويقف ليتأمل هذه العجيبة الكبرى.
ثم لندعه فترة أخرى، لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 201