نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 85
ففي المثال الأول يستحيل الهدى والضلال نورًا وظلمة، ثم تبدأ عملية الإخراج المتخيلة، وفي المثال الثاني يصبح الإيمان عروة، ثم تبدأ الحركة المتخيلة في الاستمساك بها. فتؤدي هذه الصورة المجسمة المتحركة إلى تمثل أوضح، وأرسخ للمعنى الخيالي المجرد.
بهذه الطريقة المفضلة في التعبير عن المعاني المجردة، سار الأسلوب القرآني في أخص شأن يوجب فيه التجريد المطلق، والتنزيه الكامل: فقال:
{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم} . {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} . {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} . {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} . {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} . {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} . {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} . {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُط} . {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} . {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} . {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَي} ... إلخ.
وثار ما ثار من الجدل حول هذه الكلمات، حينما أصبح الجدل صناعة، والكلام زينة. وإن هي إلا جارية على نسق متبع في التعبير، يرمي إلى توضيح المعاني المجردة وتثبيتها؛ ويجري على سنن مطرد، لا تخلف فيه ولا عوج. سنن التخييل الحسي والتجسيم في كل عمل من أعمال التصوير.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 85