نام کتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 71
وتتنفس فيه الحركة بين السكون المطبق، ليتهيأ للوقوف دون أن يقع، كالشأن فيمن ينزل من سيارة متحركة، فلا بد أن يتحرك في اتجاهها حتى لا ينكبَّ على وجهه، فما بالك بأصحاب الكهف، الذين قطعوا في النوم أكثر من ثلاثمائة سنين، فهم بالضرورة محتاجون، لكي يقفوا على أرجلهم، أن يتقلبوا في حركات متنوعة إلى مدة تتناسب مع هذه السنوات الطويلة، قد صورها القرآن الكريم بتسع سنوات لها طبيعة مختلفة، يتبدد فيها السكون بالحركة المتتابعة تمهيدًا للقيام، مما يقتضي الإعجاز في قوله تعالى: {وَازْدَادُوا} ؛ لأن طبيعة السنوات التسع تختلف تمامًا عن المدة السابقة.
إنه الإعجاز في التصوير القرآني، قال تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} .
تقديم السمع ... على البصر:
جاء ختام قصة أصحاب الكهف بقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} [الكهف: 26] ، ليقتضي الإعجاز تقديم البصر على السمع هنا، لاعتماد القصة على مشاهد كونية في الطبيعة غنية بالمظاهر الفاتنة، والألوان الساحرة التي تشرق عليها الشمس صباحًا وتغرب عنها مساء، فتأخذ بالبصر كل مأخذ لا بالسمع، قال تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الكهف: 17] ، لذلك كان التصوير القرآني لرؤى هذه المشاهد بالبصر أولًا، ولأن الأمر هنا مختص بالله -عز وجل- لا بالبشر، فسبحانه وتعالى يستوي لديه المسموعات والمبصرات على سبيل الانكشاف التام، فلا
نام کتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 71