نام کتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 99
الغاية من هذه الصورة القرآنية:
يجتمع الطرفان "المشبه والمشبه به" المتقابلان في غاية واحدة: الصورة الذهنية الفكرية المجردة، وهي الأعمال الحسنة الخاسرة للذين كفروا، والصورة المرئية المحسة، وهي السراب الخادع في الصحراء القاسية، فالصورتان هنا يجمعهما معنًى واحد، وهو أن الكافر لا ينتفع بشيء من أعماله الحسنة في الدنيا ولا في الآخرة، مع أنه في أشدِّ الحاجة إليها حينئذ، كما يتعلق الظامئ بالسراب وانخداعه به، فهو متلهف به يعلق عليه حياته، وقد عبَّر عن هذه الغاية الرماني بإيجاز فقال: "وقد اجتمعا في بطلان المتوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة"[1].
منابع التصوير القرآني وعناصره:
روعة الإعجاز في التصوير القرآني تعتمد على منابع حية وثرية، وعناصر عميقة فريدة، هي في ذاتها غاية لأداء المراد منها: فالكافرون في أشد الحاجة للانتفاع بالأعمال الحسنة آنذاك من المؤمنين، والأعمال -أي: الحسنة لا السيئة- لها دورها الكبير في كمال الصورة وعمقها، والسراب لا الماء؛ لأن السراب هو العدم والخداع، والأمل الضائع، بقيعة أي بصحراء بواد غير ذي زرع ولا بحقل، ولا بطريق تحفه المزارع؛ لأن الحاجة إلى الماء في الصحراء أشدّ، والحرص على تأمينه ووجوده أعظم؛ فمن يسر في الوادي وبين المزارع يجد الماء دائمًا بين مرحلة وأخرى، والحسبان لا اليقين؛ فلو وجد الماء على سبيل اليقين لتحقق الأمن، وقل الظمأ، وخفت المعاناة، وهدأ الجهد في سبيله، والظمآن: أي العطشان عطشًا شديدًا، وحاجة الظمآن إلى الماء كحاجة الجسد إلى الروح؛ فلا [1] ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: للخطابي والرماني والجرجاني ص 82.
نام کتاب : التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 99