نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 124
شئ، ولم يقبلوا منهم كل شئ، بل كانوا يسألون عن أشياء لا تعدو أن تكون توضيحاً للقصة وبياناً لما أجمله القرآن منها، مع توقفهم فيما يُلقى إليهم، فلا يحكمون عليه بصدق أو بكذب ما دام يحتمل كلا الأمرين، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تُصَدِّقوا أهل الكتاب ولا تُكَذِّبوهم، وقولوا: {آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} [المائدة: 59] .. الآية.
كما أنهم لم يسألوهم عن شئ مما يتعلق بالعقيدة أو يتصل بالأحكام، اللهم إلا إذا كان على جهة الاستشهاد والتقوية لما جاء به القرآن. كذلك كانوا لا يعدلون عما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك إلى سؤال أهل الكتاب، لأنه إذا ثبت الشئ عن الرسول صلى الله عليه وسلم فليس لهم أن يعدلوا عنه إلى غيره، كما كانوا لا يسألون عن الأشياء التى يُشبه أن يكون السؤال عنها نوعاً من اللهو والعبث، كالسؤال عن لون كلب أهل الكهف، والبعض الذى ضُرِب به القتيل من البقرة، ومقدار سفينة نوح، ونوع خشبها، واسم الغلام الذى قتله الخضر.. وغير ذلك، ولهذا قال الدهلوى بعد أن بيّن أن السؤال عن مثل هذا تكلف ما لا يعنى: "وكانت الصحابة رضى الله عنهم يعدون مثل ذلك قبيحاً من قبيل تضييع الأوقات".
كذلك كان الصحابة لا يُصَدِّقون اليهود فيما يخالف الشريعة أو يتنافى مع العقيدة. بل بلغ بهم الأمر أنهم كانوا إذا سألوا أهل الكتاب عن شئ فأجابوا عنه خطأ، رَدُّوا عليهم خطأهم. وبيَّنوا لهم وجه الصواب فيه، فمن ذلك ما رواه البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: "فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياهوأشار بيده يقللها".
فقد اختلف السَلَف فى تعيين هذه الساعة، وهل هى باقية أو رُفِعَت؟ وإذا كانت باقية، فهل هى فى جمعة واحدة من السنة أو فى كل جمعة منها؟ فنجد أبا هريرة رضى الله عنه يسأل كعب الأحبار عن ذلك، فيجيبه كعب: بأنها فى جمعة واحدة من السنة، فيرد عليه أبو هريرة قوله هذا ويبيِّن له: أنها فى كل جمعة، فيرجع كعب إلى التوراة، فيرى الصواب مع أبى هريرة فيرجع إليه.
كما نجد أبا هريرة أيضاً يسأل عبد الله بن سلام عن تحديد هذه الساعة ويقول له: أخبرنى ولا تضن علىّ، فيجيبه عبد الله بن سلام بأنها آخر ساعة فى يوم الجمعة، فيرد
نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 124