نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 234
معنى الفرقان، وطالما طالبنى بعض أجِلَّةُ الإخوان، وأعِزَّة الأخدان ممن كنت مشاراً إليه عندهم بالبنان فى البيان - والله المنَّان يجازيهم عن حسن ظنونهم، ويوفقنا لإسعاف سؤلهم، وإنجاح مطلوبهم - أن أجمع كتاباً فى علم التفسير، مشتملاً على المهمات، منبئاً عما وقع إلينا من نقل الإثبات، وأقوال الثقات من الصحابة والتابعين، ثم من العلماء الراسخين، والفضلاء المحققين، المتقدمين والمتأخرين - جعل الله تعالى سعيهم مشكوراً، وعملهم مبروراً - فاستعنتُ بالمعبود، وشرعتُ فى المقصود، معترفاً بالعجز والقصور فى هذا الفن، وفى سائر الفنون لا كمن هو بابنه مفتون، كيف وقد قال عَزَّ مِنْ قائل: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً} ، ومَن أصدق من الله قيلاً، وكفى بالله ولياً، وكفى بالله وكيلاً.
ولما كان التفسير الكبير المنسوب إلى الإمام الأفضل، والهمام الأمثل، والحَبْر النِحْرير، والبحر الغزير، الجامع بين المعقول والمنقول، الفائز بالفروع والأصول، أفضل المتأخرين، فخر المِلَّة والحق والدين، محمد بن عمر ابن الحسين الخطيب الرازى، تغمَّده الله برضوانه وأسكنه بحبوبة جِنانه، اسمه مطابق لمسماه وفيه من اللطائف والبحوث ما لا يُحصى، ومن الزوائد والفتوى ما لا يُخفى، فإنه قد بذل مجهوده، ونثل موجوده، حتى عَسَّرَ كتبه على الطالبين، وأْعَّوَز تحصيله على الراغبين، فحاذيتُ سياق مرامه، وأوردتُ حاصل كلامه، وقرَّبتُ مسالك أقدامه، والتقطتُ عقود نظامه، من غير إخلال بشئ من الفوائد. وإهمال لما يُعَد من اللطائف والفرائد، وضممتُ إليه ما وجدتُ فى الكشاف وفى سائر التفاسير من اللطائف المهمات، أو رزقنى الله تعالى من البضاعة المزجاة، وأثبت القراءات المعتبرات والوقوف المعللات، ثم التفسير المشتمل على المباحث اللفظيات، والمعنويات مع إصلاح ما يجب إصلاحه وإتمام ما ينبغى إتمامه من المسائل الموردة فى التفسير الكبير والاعتراضات، ومع كل ما يُوجد فى الكشاف من المواضع المعضلات، سوى الأبيات المعقدات، فإن ذلك يوردها مَنْ ظن أن تصحيح القراءات وغرائب القرآن، إنما يكون بالأمثال والمستشهدات، كلاَّ فإن القرآن حُجَّة على غيره وليس غيره حُجَّة عليه، فلا علينا أن نقتصر فى غرائب القرآن على تفسيرها بالألفاظ المشتهرات، وعلى إيراد بعض المتجانسات التى نعرف منها أصول الاشتقاقات، وذكرتُ طرفاً من الإشارات المقنعات، والتأويلات الممكنات، والحكايات المبكيات، والمواعظ الرادعة عن المنهيات، الباعثة على أداء الواجبات، والتزمتُ إيراد لفظ القرآن الكريم أولاً، مع ترجمته على وجه بديع، وطريق منيع، يشتمل على إبراز المقدرات، وإظهار المضمرات، وتأويل المتشابهات، وتصريح الكنايات، وتحقيق المجازات والاستعارات، فإن هذا النوع من الترجمة مما تُسكب فيه
نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 234