نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 241
وهذان النوعان تراهما في كلماء البلغاء لا يستعصي عليهم التبريز فيهما، وكلام " الرافعي" فيهما مجمل،
والصوت الثالث: «صوت الحس» وهو لا يكون إلا من دقة التصوير المعنوي، والإبداع في تلوين الخطاب ومجاذبة النفس مرة وموادعتها مرة، واستيلائها على محض بما يورد عليها من وجوه البيان أو يسوق إليها من طرائف المعاني.
وهذ الصوت أبلغ الأصوات شأنا وعلى مقدارما يكون في الكلام البليغ منه يكون فيه من روح البلاغة.
وهذا الصوت قد خلت لغة العرب في لسانهم من صريحه وانفرد به القرآن الكريم. وهذا ما يجعلك، وانت تقرأ القرآن الكريم «تحس من حروفه وأصواتها وحركاتها ومواقع كلماتها وطريقة نظمها ومداورتها للمعنى بأنّه كلام يخرج من نفسك وبأن هذه النفس قد ذهبت مع التلاوة أصواتًا واستحال كلّ ما فيها من قوة الفكر والحسّ إليها،وجرى فيها مجرى البيان، فصرت كأنّك على الحقيقة مطويٌّ في لسانك [1] ، [1] - ينظر: إعجاز القرآن: 249-252
وقوله (كلام يخرج من نفسك) وما بعده فيه من الإبهام كان يجمل بالرافعي أن يزيله، وقد تشغل النفس بغرابة منطق الرافعي ونسق بيانه، فلا تلتفت إلى ما ينبغي أن يحمله القلب من هذا الكلام، وهو إذا ما انعتق من ألق كلامه، وقتش عمَا حمله القلب من المعنى عاد إليه يفتش، فيقع في الحيرة. وكأنِّي بالذي يحدثنا عنه الرافعيّ من (صوت الحسّ) أمر غائم في نفسه هو لم يتبيّن له تبيّنا يعينه على أن يبيّنه لنا بيانا يقينا ظلمة التحيّر. وراجعت غير قليل ممن كتبوا في هذه المسألة عند الرافعي لعلى أجد في كلامهم ما يفتح الطريق إلى فقه ما يريده الرافعي من كلامه هذا، فلم أوفق إلى شيءٍ، وما يزال القلب في ظلمة التحير من مراده بهذا الكلام. أقول هذا غير متهيب من أن أنعت بالعجز عن الفهم، فإعلان الحق أجل من التظاهر بالفهم الكاذب.
نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 241