نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 256
وهذا يجلّي موقف " سيد قطب " من العلاقة بين الصورة الصوتية للبيان وما هو مكنون في هذا البيان من معاني الهدى، وما أقيم عليه النظم من السياق، فيتحقق لنظم السورة التناسب والتآخي بين معانيها المتعقّلة، والتناغم والتناغي بين القيم الصوتية المتمثلة في جرسها وإيقاعاتها. وكأنَّ هذا ناظرٌ إلى ما أخذ فيه بعض علماء نقد الكلمة الشاعرة من تبيّن العلاقة بين الأوزان والإيقاعات الشعرية والمعاني والأغراض، وهي مسألة نقدية اتسع القول فيها واشتجر.
ولا أظنَّ أن ما قام من مجالات في ميدان نقد الكلمة الشاعرة يقوم مثله بين أهل العلم بالبيان القرآني، فإن القلوب المعافاة من داء الغفلة لتستشعر وثيق الاعتلاق بين القيم الصوتية في القرآن الكريم ومعانيه وأغراضه ومقاصده، ومن هنا أكدوا انَّ هذه القيم الصوتية – في غير البيان القرآني - إذا لم تكن منسولة من المعاني، واقتضاها المقام فإنه ليست من البلاغة في شيء، مثلما أن تركها حين يقتضيها المقام هو ضرب من عقوق المعنى،أمَّا هي في البيان القرآني فإنَّها لا تكون إلا منسولة من الغرض والمعنى المساق إليه الكلام، ومما اقتضاه المقام اقتضاءً مكينًا.
مجمل الأمر أنَّه " تتكشف للناظر في القرآن – كما يقول سيد قطب – آفاقٌ وراء آفاقٍ من التناسق والاتساق: فمن نظمٍ فصيحٍ إلى سرد عذبٍ إلى معنى مترابط إلى نسق متسلسل إلى لفظ معبر إلى تعبير مصوّر إلى تصوير مشخص إلى تخييل مجسم إلى موسيقى منغمة إلى اتساق الأجزاء إلى تناسق في الإطار إلى توافق في الموسيقى إلى افتنان في الإخراج ... وبهذا كلّه يتم الإبداع ويتحقق الإعجاز " (1)
***
(1) السَّابق: 142
نام کتاب : العزف على أنوار الذكر نویسنده : محمود توفيق محمد سعد جلد : 1 صفحه : 256